قال عدي : فو الله إنّي لقاعد في أهلي ، إذ نظرت إلى ظعينة (١) تصوب (٢) إليّ تؤمنا قال : فقلت ابنة حاتم فإذا هي هي (٣). فلما وقفت عليّ انسحلت (٤) : القاطع الظالم ، ارتحلت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك أختك وعورتك؟ قال : قلت يا خيّة (٥) لا تقولي إلّا خيرا ، فو الله ما لي من عذر ، ولقد صنعت ما ذكرت ، قال : ثم نزلت فأقامت عندي ، قال : فقلت لها ، وكانت امرأة حازمة : ما ذا ترين في أمر هذا الرجل؟ قالت : أرى والله أن نلحق (٦) به سريعا ، فإن يكن الرجل نبيا فللسابق (٧) إليه فضله ، وإن يكن ملكا فلن نزل في عزّ اليمن وأنت أنت ، قال : قلت : والله إن هذا الرأي.
قال : فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، فدخلت عليه وهو في مسجده ، فسلّمت عليه فقال : «من الرجل؟» (٨) قال : قلت : عدي بن حاتم.
قال أبو عامر في حديثه : فرحب به النبي صلىاللهعليهوسلم وقرّبه (٩) ، وكان يتألف شريف القوم ليتألف به قومه.
قال ابن إسحاق في حديثه : فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فانطلق به إلى بيته. قال : فو الله إنه لعامد بي (١٠) إليه ، إذ لقيته امرأة كبيرة ضعيفة ، فاستوقفته ، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها قال : قلت في نفسي : والله ما هذا بملك ، قال : ثم مضى حتى إذا دخل بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا فقدمها إليّ فقال : «اجلس على هذه» ، قالت : بل أنت فاجلس ، قال : فقال : بل أنت فاجلس عليها ، قال : فجلست عليها وجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالأرض ، قال : قلت في نفسي : ما هذا بأمر ملك.
__________________
(١) الظعينة : المرأة في هودجها.
(٢) تصوب إلي : أي تقصد تؤم.
(٣) بالأصل و «ز» : «هي هيه» والمثبت عن سيرة ابن هشام.
(٤) بالأصل : «استحلت» وفي «ز» : «اسبحلب» والمثبت عن السيرة وقوله : انسحلت أي أخذت في اللوم بكلام فيه حدة.
(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي السيرة : أي أخيه.
(٦) في السيرة : تلحق.
(٧) بالأصل : فليسابق ، والمثبت عن «ز» ، والسيرة.
(٨) بالأصل : الرجال ، والمثبت عن «ز» ، والسيرة.
(٩) بالأصل : وقوله ، والمثبت عن «ز».
(١٠) بالأصل و «ز» : لعامدي ، والمثبت عن السيرة.