يا نظرة لي ضرت يوم ذي سلم |
|
حتى متى لي هذا الضر في نظري |
قالت وأبثثتها سري فبحت به ـ : |
|
قد كنت عندي تحت الستر فاستتري (١) |
ألست تبصر من حولي؟ فقلت لها : |
|
غطّي هواك وما ألقى على بصري |
وأنت القائل :
إذا وجدت أذى للحب في كبدي |
|
أقبلت نحو سقاء القوم أبترد |
هذا بردت ببرد الماء ظاهره |
|
فمن لحرّ على الأحشاء يتّقده؟ |
قالت : هن حرائر ـ وأشارت إلى جواريها ـ إن كان خرج هذا من قلب سليم.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، بقراءتي ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن محمّد الرازي ، نا أبو الحسن مزاحم بن عبد الوارث بن إسماعيل بن عباد البصري ، قدم دمشق ، ونزل في دار خديجة في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، نا محمّد بن زكريا الغلابي ، نا محمّد بن عبد الرّحمن بن القاسم ، حدّثني أبي ، عن حماد الراوية ، حدّثني بعض أهل الكوفة قال (٢) : خرجت حاجا ، فأتيت منزل سكينة ابنة الحسين مسلّما عليها ، معظما لحقّها ، فألفيت (٣) ببابها الفرزدق وجريرا وكثيّر عزّة وجميلا ، والناس مجتمعون ما بين مقتبس من علمهم وناظر إليهم ، فلم ألبث إلّا يسيرا حتى خرجت جارية لها عليها قميص كأن شعاع الشمس فيما بين جلدها وقميصها ، وإذا هي بيضاء عطبول ، لم يشنها قصر ولا طول. فقالت : سيدتي تقرأ عليكم السّلام وتقول لكم : أين الفرزدق؟ فقال : ها أنا ذا ، قالت : تقول لك سيدتي : أنت القائل (٤) :
إن الذي سمك السماء بنى لنا |
|
بيتا ، دعائمه أعزّ وأطول |
بيتا بناه لنا المليك وما بنى |
|
ملك السماء فإنه لا ينقل |
وأنت القائل (٥) :
هما دلتاني من ثمانين قامة |
|
كما انقضّ باز أقتم (٦) الرأس كاسره |
__________________
(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي تاريخ بغداد : تحب الستر فاستتر.
(٢) الخبر من طريق آخر في مصارع العشاق ٢ / ٧٩ وما بعدها باختلاف الرواية.
(٣) بالأصل : فألقيت ، والمثبت عن «ز».
(٤) البيتان في ديوان الفرزدق ٢ / ١٥٥ (ط. بيروت. صادر).
(٥) البيت في ديوان الفرزدق ١ / ٢٥٩ ومن أبيات في مصارع العشاق ٢ / ٨١.
(٦) بالأصل : أقيم ، والمثبت عن «ز» ، والديوان ومصارع العشاق.