الخرائطي ، نا أبو يوسف الزهري ، نا الزبير بن بكار قال :
كان عبد الرّحمن بن أبي عمار من بني جشم (١) بن معاوية ينزل مكة ، وكان من عبّاد أهلها ، يسمى القسّ من عبادته ، فمرّ ذات يوم بسلّامة وهي تغني ، فوقف يسمع غناءها ، فرآه مولاها ، فدعا إلى أن يدخله عليها ، فأبى عليه ، فقال له : فاقعد في مكان تسمع غناءها ولا تراها (٢) ، ففعل ، فغنت فأعجبته فقال له مولاها : هل لك أن أحوّلها إليك ، فامتنع بعض الامتناع ثم أجابه إلى ذلك ، فنظر (٣) إليها فأعجبته ، فشغف بها ، وشغفت به وكان ظريفا فقال فيها :
أم سلّام لو وجدت من الوج |
|
د عشير الذي بكم أنا لاقي |
أم سلام أنت همي وشغلي |
|
والعزيز المهيمن الخلاق |
أم سلام ما ذكرتك إلّا |
|
شرقت بالدموع مني المآقي |
قال : وعلم بذلك منه أهل مكة فسموها سلّامة القسّ ، فقالت له يوما : أنا والله أحبك ، فقال : وأنا والله أحبك ، فقالت : أنا والله أحبّ أن أضع فمي على فمك ، قال : وأنا والله أحب ذلك ، قالت : فما يمنعك ، فو الله إنّ الموضع لخال؟ فقال لها : ويحك إنّي سمعت الله جل وعزّ يقول (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) أنا والله أكره أن تكون (٤) خلة ما بيني وبينك في الدنيا عداوة يوم القيامة ، ثم نهض وعيناه تذرفان من حبّها ، وعاد إلى الطريقة التي كانت عليها من النسك والعبادة ، فكان يقف بين الأيام ببابها فيرسل بالسّلام إليها ، فيقال له : ادخل ، فيأبى ، ومما قال فيها :
إن سلامة التي |
|
افقدتني تجلدي |
لو تراها والعود في |
|
حجرها حين تبتدي |
للريجي والغريض |
|
وللقرم معبد |
خلتهم تحت عودها |
|
حين تدعوه بالسيد |
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو نصر عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن
__________________
(١) بالأصل و «ز» : حسن ، تحريف ، والمثبت عن الأغاني ٨ / ٣٣٥.
(٢) بالأصل و «ز» : «فأقعدني في مكان نسمع غناءها ولا نراها» والمثبت عن المطبوعة.
(٣) بالأصل : فبطن ، تحريف ، والمثبت عن «ز».
(٤) بالأصل : يكون ، والمثبت عن «ز».