موسى ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني أبو زيد النميري ، حدّثني خلاد بن يزيد ، قال : سمعت شيوخنا من أهل مكة منهم سليم يذكرون :
أن القسّ كان عند أهل مكة من أحسنهم عبادة ، وأطهرهم تبتلا ، وأنه مرّ يوما بسلّامة ، جارية كانت لرجل من قريش وهي التي اشتراها يزيد بن عبد الملك ، فسمع غناءها فتوقف يستمع ، فرآه مولاها ، فدنا منه فقال : هل لك أن تدخل فتسمع ، فأبى (١) عليه ، فلم يزل [به حتى تسمح ، وقال : أقعدني في لا أراها ولا تراني. قال : أفعل. فدخل ، فتغنت ، فأعجبته ، فقال مولاها : هل لك أن أحولها إليك؟ فأبى ، ثم تسمح ، فلم يزل](٢) يسمع غناءها حتى شغف بها ، وشغفت به ، وعلم ذلك أهل مكة ، فقالت له يوما : أنا والله أحبك ، قال : وأنا والله أحبك. قالت : وأحب أن أضع فمي على فمك ، قال : وأنا والله ، قالت : وأحب أن ألصق صدري بصدرك ، وبطني ببطنك ، قال : وأنا والله ، قالت : فما يمنعك فو الله إنّ الموضع لخال ، قال : إنّي سمعت الله يقول (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) وأنا أكره أن تكون (٣) خلة ما بيني وبينك تؤول بنا إلى عداوة يوم القيامة ، قالت : يا هذا تحسب أنّ ربي وربك لا يقبلنا إن نحن تبنا إليه؟ قال : بلى ، ولكن لا آمن أن أفاجأ ، ثم نهض وعيناه تذرفان ، فلم يرجع وعاد إلى ما كان إليه من النسك.
أنبأنا أبو القاسم غانم بن محمّد بن عبيد الله ، عن أبي علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، حدّثني أبي أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، نا أبو عبد الله أحمد بن سليمان ابن داود بن محمّد الطوسي ، نا الزبير بن بكار ، حدّثني هارون بن موسى ، نا عبد الله بن عمرو الفهري ، عن عمّه الحارث بن محمّد ، عن عيسى بن عبد الأعلى ، قال (٤) :
كانت بالمدينة جارية لآل أبي رمّانة (٥) ، أو لآل تفاحة ، يقال لها سلّامة ، قال : فكتب فيها يزيد بن عبد الملك لتشترى له ، فاشتريت بعشرين ألف دينار ، فقال أهلها : ليس تخرج حتى تصلح من شأنها ، فقالت الرسل : لا حاجة لكم بذلك معنا ما يصلحها ، قال : فخرج بها
__________________
(١) كذا بالأصل و «ز».
(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز».
(٣) بالأصل : يكون ، والمثبت عن «ز».
(٤) الخبر في الأغاني ٨ / ٣٤٣ باختلاف الرواية.
(٥) بالأصل و «ز» : زمانة ، تصحيف ، والمثبت عن «ز».