أبو الحسن علي بن محمّد بن إسحاق الحلبي وأبو عبد الله محمّد بن الوليد بن عوف الحمصي ، نا أبو معاوية عثمان بن خالد بن عمرو ، نا السلفي ، نا أبي ، نا عكرمة بن يزيد الألهاني ، حدّثني الأبيض بن الأغر بن الصباح التميمي عن سفيان الثوري عن سهل بن أبي طلق عن أبيه قال :
كنت عند أسماء بنت أبي بكر إذ دخل عليها الحجاج قال : فقالت له : إنك قاتل عبد الله بن الزبير؟ فقال : نعم ، قالت : أما إنك قتلت صوّاما قوّاما ، أما إني سمعت خليلي صلىاللهعليهوسلم يقول : «يخرج من ثقيف ثلاثة : كذاب ومبير وذيّال (١)» فأمّا الكذاب فقد مضى ـ وهو المختار ـ وأما المبير فهو أنت ، فقال : أبير المنافقين فقالت : بل تبير المؤمنين ، وأما الذيّال فلم نره وسوف يرى] [١٣٧٠٠].
أخبرنا أبو الفضل الفضيلي ، أنا أحمد بن محمّد ، أنا علي بن أحمد بن محمّد الخزاعي ، أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب ، نا عيسى بن أحمد العسقلاني ، نا علي بن عاصم ، عن داود بن أبي هند ، حدّثني شهر بن حوشب ، حدّثني عبد الرّحمن بن سلمان قال علي : هذا صاحب راية الحجاج ، قال :
لما قتل الحجاج ابن الزّبير وصلبه قال لي يوما : انطلق بنا إلى ابنة الصديق نسلّم عليها ونحدث بها عهدا. قال : فركب دابة له وتبعته ، فاستأذن فأذن له ، فدخل عليها ، فألقت له وسادة وقعد عليها ، ودخلت معه ، فقعدت على الأرض ، وإذا امرأة قد كبرت وعميت وعرض بها صمم ، وإذا عندها جارية من جواري أهل الحجاز تسمعها ، فقال لها الحجاج : قولي لها : إنّ الحجاج يقرئك السّلام ، فقالت لها : يا هذه يا هذه ، قالت : ما لك؟ قالت : إن الأمير يقرئك السّلام ، قالت : وأيّ أمير؟ قال الحجاج : قولي لها الحجاج بن يوسف ، قالت لها : الحجاج بن يوسف ، قالت : وا ذفراه ، وما أدخل عليّ الحجاج بن يوسف وقد قتل ابن الزّبير؟ فقال لها الحجاج : قولي لها : قتلته عدوّ الله منافقا ملحدا (٢) في حرم الله ، قالت لها ، قالت : كذب ، بل قتلته صوّاما بارّا بوالديه ، سمعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يخرج من ثقيف كذاب ومبير» فأما الكذاب فقد رأيناه ، وأما المبير فلا أحسبك إلا أنت هو. قال : وغضب وقام فقال : أنا مبير المنافقين ، قال : فلمّا كان يوم المنبر ، وانهزم الناس فما بقي معه أحد إلّا هو
__________________
(١) الذيال : طويل الذيل ، والذيال : الطويل القدّ ، الطويل الذيل ، المتبختر في مشيه (القاموس).
(٢) الكلمة غير مقروءة بالأصل ومشطوبة ، واستدركت اللفظة عن هامشه وبعده صح.