ابن عمر الليثي ، نا الهيثم بن عدي ، نا المجالد ، عن الشعبي ، قال (١) :
مرّ بي مصعب بن الزبير وأنا في المسجد ، فقال لي : يا شعبي ، قم ، فقمت ، فوضع يده في يدي وانطلق حتى دخل القصر ، فقصرت فقال : ادخل يا شعبي ، فدخل حجرة ، فقصّرت فقال : ادخل يا شعبي ، ثم دخل بيتا فقصرت ، فقال : ادخل ، فدخلت ، فإذا امرأة في حجلة ، فقال : أتدري من هذه؟ فقلت : نعم ، هذه سيدة نساء المسلمين ، عائشة بنت طلحة بن عبيد الله (٢) ، فقال : هذه (٣) ليلى ، وتمثل :
وما زلت في ليلى لدن طرّ شاربي |
|
إلى اليوم أخفي حبها وأداجن |
وأحمل في ليلى لقوم ضغينة |
|
وتحمل في ليلى عليّ الضغائن |
ثم قال لي : يا شعبي ، إنها اشتهت عليّ حديثك ، فحادثها ، فخرج وتركها قال : فجعلت أنشدها وتنشدني ، وأحدّثها وتحدّثني ، يعني حتى أنشدتها قول قيس بن ذريح (٤) :
ألا يا غراب البين قد طرت بالذي |
|
أحاذر من لبنى ، فهل أنت واقع؟ |
تبكي على لبنى ، وأنت قتلتها؟ |
|
فقد هلكت لبنى فما أنت صانع؟ |
قال : فلقد رأيتها وفي يدها غراب تنتف ريشه ، وتضربه بقضيب وتقول له : يا مشئوم؟!
قرأت بخط رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم ، وأبو الوحش عنه ، أنا الحسن بن إسماعيل بن محمّد ، بمصر ، نا الحسن بن رشيق ، نا يموت بن المزرع ، نا أبو مسلم عبد الله ابن مسلم ، حدّثني أبي ، حدّثني مشايخ من مشايخ الحي ، قالوا (٥) :
وجّه مصعب بن الزبير إلى عزة المدينية مولاه بهز وكانت من أعقل النساء ، فأتته فقال لها : يا عزة قد اعتزمت على تزويج عائشة ، يعني ابنة طلحة ، وأنا أحبّ أن تصيري إليها متأملة لخلقها ، مؤدية لخبرها إليّ ، فقالت : يا جارية عليّ بمنقليّ (٦) ، فلبسته ، ثم صارت إلى منزل عائشة ، فلما دخلت عليها قالت عائشة : مرحبا بالحبيبة ، كيف نشطت لنا؟ قالت : جئت في
__________________
(١) الخبر في مصارع العشاق ٢ / ١٦٤ من طريق المعافى بن زكريا الجريري.
(٢) بالأصل : عبد الله ، تصحيف ، والمثبت عن «ز» ، ومصارع العشاق.
(٣) بالأصل و «ز» : أهذه.
(٤) البيتان في الأغاني ٩ / ٢١٧ وأمالي القالي ٢ / ٣١٧ باختلاف الرواية.
(٥) بالأصل : قال ، والمثبت عن «ز».
(٦) المنقل : الخف (الأغاني ١١ / ١٧٨).