حاجة ، قالت : إذا نقضي ، قالت : ارمي عنك جلبابك ، قالت : إذا أفعل ، ففعلت ، ثم قالت لها : أعوذك بالسميع العليم من الشيطان الرجيم ، الله جارك ، ثم رجعت إلى مصعب ، فقال : ما الخبر يا عزّة؟ قالت : رأيت وجها أحسن من العافية ، ولها عينان نجلاوان هما مسكن هاروت وماروت ، من تحت ذلك أنف أقنى ، وخدّان أسيلان ، وفم كفم الرمانة ، وعنق كإبريق فضة ، تحت ذلك صدر فيه حقّا عاج ، تحت ذلك بطن أقب ، ولها عجز كدعص الرمل ، وفخذان لفاوان ، وساقان ريّاوان ، غير أنّي رأيت في رجليها كبرا (١) ، وهي تغيب (٢) عنك في وقت الحاجة.
فلما تزوّجها مصعب ودخل بها ، دعت عائشة عزّة ونسوانا من قريش ، فلمّا أصبن من طعامها غنتهن ومصعب قائم في دهليز الدار (٣) :
وثغر أغرّ شتيت النبات |
|
لذيذ المقبل والمبتسم |
وما ذقته غير ظنّي (٤) به |
|
وبالظنّ يحكم فينا الحكم |
فقال مصعب وهو في الدهليز : بارك الله عليك يا عزّة ، لكنا والله قد ذقناه فوجدناه كما ذكرت.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن العلّاف ، وأخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه ، وأخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو الحسن بن العلاف ، قالا : أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، نا محمّد بن جعفر ، نا علي بن داود ، نا أحمد بن مرزوق ، نا عبد الله بن أبي بكر الزبيري ، نا سليمان بن أيوب قال : كان مصعب بن الزبير وهو إذ ذاك على العراق كثيرا ما يولع بقصيدة (٥) جميل بن معمر العذري ، وبهذا البيت خاصة (٦) :
ما أنس لا أنس منها نظرة سلفت |
|
بالحجر ، يوم جلتها أمّ منظور |
__________________
(١) بالأصل و «ز» : «كبر».
(٢) بدون إعجام بالأصل و «ز».
(٣) البيتان في الأغاني ١١ / ١٨٣ ونسبهما إلى امرئ القيس ، وليسا في ديوانه ط بيروت. صادر.
(٤) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الأغاني : ظنّ به.
(٥) بالأصل : بقصة ، تحريف ، والمثبت عن «ز».
(٦) البيت في ديوان جميل ص ٧٠ (ط. بيروت ـ صادر) والأغاني ٨ / ١١٢.