وانفتق عليه فتق بالبصرة ، فثار إليه ، فرتقه ورجع ، فقالت لها أم حبيبة امرأة أبي فروة : لو صرت إلى الأمير فأهديت إليه التهنية بظفره لسرّه ذلك. فقامت نحوه ، فلما رآها مصعب قال : مرحبا بالغضبان الغائب (١) ، ثم أنشأ يقول :
ونهتجر الأيام ثم يردنا (٢) |
|
إلى الوصل أنّا لم يكن بيننا ذحل |
فقالت : والله لو لا التهنية لطال الإعراض ، ثم أهوت إليه فعانقته ، فقال : معذرة من سهك الحديد فقال : أو ذنب ذاك؟ لهو أطيب من ريح المسك ، ثم قالت : أفلح الوجه ، وعلا العقب ، وليهنك الظفر ، يا جوار أرخين الستور وانصرفن ، فخلّوا لشأنهما. قال ابن وادع : فكتبت هذا ، ثم لم ألبث أن مرّ بنا غلام الطاهري ، فأقبل عليّ فقال :
بحقّ الهوى إن كنت ممن يحبه |
|
بحبّ غلام الطاهري المقرطقا (٣) |
فإن قلت لي : لا كنت كالشاة خبثة (٤) |
|
وإن قلت : أيهما كنت عندي الموفقا |
وقام يسرع الشعبي خلفه ، ثم نادى الشاه بن ميكال ، الشاه بن ميكال ، فأثبت البيتين ، ولم أعرف آخر خبره.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو الغنائم محمّد بن علي بن علي ابن الدجاجي ، أنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل ، نا أبو علي الحسين بن القاسم ابن جعفر ، نا أبو بكر أحمد بن زهير ، نا سليمان بن أبي شيخ ، أنا محمّد بن الحكم ، عن عوانة قال (٥) :
كتب أبان بن سعيد إلى أخيه يحيى بن سعيد يخطب عليه عائشة بنت طلحة ، ففعل ، فقالت ليحيى : ما أنزل أبان أيلة؟ قال : أراد رخص سعرها ، وأراد العزلة ، فقالت : اكتب إليه عني :
حللت محل الضب لا أنت ضائر |
|
عدوّا ولا مستنفع بك نافع |
وردته.
__________________
(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المختصر : العاتب.
(٢) بالأصل : ردنا ، وفي «ز» : تردنا.
(٣) المقرطق : القرطق : ثوب معروف ، والقرطق : القباء وهو تعريب كرته.
(٤) كذا رسمها بالأصل ، وفي «ز» : «خببه» وفي المختصر : «خيبة» وفي المطبوعة : خسّة.
(٥) الخبر في الأغاني ١١ / ١٩٢.