العباس أحمد بن عمر بن أحمد البرمكي ، أنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الرّحمن بن منصور المروزي الكاتب ، نا أبو بكر محمّد بن القاسم بن محمّد بن بشار الأنباري النحوي ، نا أبي ، نا أحمد بن عبيد قال (١) :
دخل كثير على عبد الملك بن مروان ، وكان كثيّر دميما ، فلما نظر إليه عبد الملك قال : تسمع بالمعيدي لا أن تراه (٢) ، فقال كثيّر (٣) :
ترى الرجل النحيف فتزدريه |
|
وتحت ثيابه أسد يزير (٤) |
ويعجبك الطرير إذا تراه (٥) |
|
فيخلف ظنك الرجل الطرير |
وما عظم الرجال لهم بزين |
|
ولكن زينهم (٦) كرم وخير |
فقد عظم البعير بغير لبّ |
|
فلم يستغن بالعظم البعير |
يصرفه الضبي بكل وجه |
|
ويحمله (٧) على الخسف الجرير |
شرار الأسد أكثرها فراخا |
|
وأم الصقر مقلات (٨) نزور |
فقال له عبد الملك : إن كنا أسأنا لك اللقاء فلست أنسى (٩) لك الثواب ، فاذكر حاجتك ، فقال : حاجتي أن تزوّجني عزّة ، فوجه إلى أهلها ، فأحضرهم ، وأمرهم بتزويجه إياها ، فقالوا : يا أمير المؤمنين هي امرأة بالغ لا يولى على مثلها ، ونحن نعرض ذلك عليها ، فإن أجابت إليه أمسكناه (١٠) ، فأمر بإحضارها ، فأحضرت فعرض عليها التزويج به ، فقالت بعد ما شهرني في العرب ، وشبّب بي فأكثر ذكري ، ما إلى هذا سبيل. فقال لها : فإذا أبيت هذا وكرهته فاكشفي وجهك فثقل ذلك عليها ، ثم فعلت ، ومضت مكشوفة الوجه إلى بعض حجر
__________________
(١) الخبر والشعر في الأمالي للقالي ١ / ٤٦ ـ ٤٧.
(٢) قوله : تسمع بالمعيدي لا أن تراه ، مثل. يضرب لمن خبره خير من مرآه ، انظر المستقصى للزمخشري ١ / ٣٧٠.
(٣) الشعر ليس في ديوان كثير ط. بيروت. ونسبت في ديوان الحماسة ٢ / ٢١ إلى العباس بن مرداس ، وهي في ملحقات ديوان العباس بن مرداس ص ١٧١ (ط. بيروت) وانظر تخريجها فيه.
(٤) في ملحق ديوان العباس : وفي أثوابه أسد مزير.
(٥) في ديوان العباس : فتبتليه.
(٦) في الديوان : بفخره ... فخرهم.
(٧) في ملحق ديوان العباس : ويحبسه.
(٨) بالأصل و «ز» : «مقلاة» والمقلات التي لا يكثر فرخها.
(٩) كذا بالأصل ، وفي «ز» : فلسنا نسيء لك الثواب.
(١٠) كذا رسمها بالأصل ، وفي «ز» : «امننلناه» وفوقها ضبة ، وفي المطبوعة والمختصر لابن منظور : امتثلناه.