عبد الملك ، فدخلت الحجرة ، ونظرت إلى كثيّر مغضبة ، فقال بعض من حضرها : جنّت جنّت فأنشأ كثيّر يقول (١) :
أصاب الردى من كان يهوى لك الردى |
|
وجن اللواتي قلن : عزّة جنّت |
فهن لأولى بالجنون وبالخنا |
|
وبالسيئات ما حيين وحيّت |
ولما رأت من حولها نقص (٢) الحيا |
|
رمتني بباقي وصلها ثم ولت |
فصرت كذات (٣) البو تتبع بكرها (٤) |
|
فلما قضت بأسا من البو حنت |
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة (٥) |
|
لدينا ولا مقلية إن تقلّت |
فحلفت ألا تكلم كثيّرا سنة ، فلما انصرفت من الحج بصرت بكثيّر ، وهو على جمله ، يخفق نعاسا ، فضربت رحله بيدها ، وقالت كيف أنت يا جمل؟ فأنشأ كثيّر يقول (٦) :
حيتك عزة بعد البين وانصرمت |
|
فحي ويحك من حياك يا جمل |
لو كنت حييتها ما زلت ذا مقة |
|
عندي وما منك الإدلاج والعمل |
ليت التحية كانت لي فأبد لها (٧) |
|
مكان يا جملا (٨) حييت يا رجل |
فجنّ من جزع إذ قلت ذاك له |
|
ورام تكليمها لو تنطق الإبل (٩) |
أنبأنا أبو الحسن بن العلاف ، وأخبرني أبو المعمر عنه.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، وابن العلاف ، قالا : أنا عبد الملك بن محمّد ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا محمّد بن جعفر ، نا أبو يوسف يعقوب بن عيسى الزهري ، نا الزبير بن بكار ، قال :
__________________
(١) البيت الأول في الأغاني ٩ / ٣٠ والبيت الأخير في ديوانه ص ٥٧.
(٢) بالأصل و «ز» : «نقض الحيا» والمثبت عن المختصر.
(٣) بالأصل : «كداب البو» والمثبت عن المختصر. والبو : ولد الناقة.
(٤) بالأصل و «ز» : «شعرها» وفي المختصر : «سقرها» والمثبت عن المطبوعة.
(٥) بالأصل و «ز» : ملولة ، والمثبت عن الديوان.
(٦) الأبيات في ديوان كثير ص ١٦٣.
(٧) في الديوان : فأشكرها.
(٨) كذا بالأصل و «ز» : يا جملا ، منصوبة ، وفي الديوان : جمل ، وهو أشبه.
(٩) البيت ملفق من بيتين ، وروايتهما في الديوان :
فحن من وله إذ قلت ذاك له |
|
وظل معتذرا قد شفّه الخجل |
ورد من جزع ما كنت أعرفها |
|
ورام تكليمها لو تنطق الإبل |