أرسل عبد العزيز بن مروان إلى عزّة كثيّر ، فلما جاءت أدخلها بيتا ، وأسبل عليها سترا ، ثم دعا كثيّرا فقال له : حاجتك يا كثيّر ، قال : أرضك التي بمكان كذا وكذا ، ناقة برعائها. قال لك ذلك : أفتبغي غير هذا؟ قال : لا ، قال : يا غلام ارفع الستر ، فلمّا نظر إليها أنشأ يقول (١) :
عجبت لتركي خطّة الرّشد بعد ما |
|
بدا لي من عبد العزيز قبولها |
حلفت بربّ الراقصات إلى منى |
|
يغول البلاد نصّها وذميلها |
لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها |
|
وأمكنني منها إذا لا أقيلها |
فهل أنا إن راجعتك القول مرة |
|
بأحسن منها عائدا (٢) فتقيلها |
فأصبحت كالمجفو من غير جفوة |
|
وما بقيت من حاجة أستقيلها |
قال : ونا محمّد بن جعفر ، نا إبراهيم بن الجنيد ، نا محمّد بن الحسين ، حدّثني يوسف ابن الحكم الرقي ، نا مروان بن محمّد بن عبد الملك بن مروان قال (٣) :
دخلت عزّة على أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز ، فقالت لها : يا عزّة ما قول كثيّر :
قضى كل ذي دين علمت غريمه |
|
وعزّة ممطول معنى غريمها |
ما كان هذا الدّين؟ قالت : كنت وعدته قبلة ، ثم إنّي حرجت منها ، فقالت : أنجزيها له وعليّ إثمها.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المسلم الشافعي ، أنا جعفر بن أحمد بن الحسين ، نا أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي بمكة ، نا أبو بكر أحمد بن علي بن لال الهمداني ، نا أحمد بن الحسين (٤) ، نا حامد (٥) بن حماد ، نا إسحاق بن سيار ، نا الأصمعي ، نا سفيان بن عيينة قال : دخلت عزّة على سكينة بنت الحسين بن علي ذات يوم فقالت لها : يا عزّة أرأيتك إن سألتك عن شيء هل تصدقينني (٦)؟ قالت : نعم ، قالت : ما عنى كثيّر بقوله :
قضى كل ذي دين فوفّى غريمه |
|
وعزّة ممطول معنى غريمها |
__________________
(١) الأبيات في ديوان كثير ص ١٧١ وخزانة الأدب ١ / ٥٨٢.
(٢) في الديوان : فهل أنت .... عائد فمنيلها.
(٣) الخبر والبيت في وفيات الأعيان ٤ / ١٠٨ وقد مرّ البيت قريبا وله قصة أخرى مع عبد الملك بن مروان.
(٤) الخبر والشعر في مصارع العشاق ٢ / ٨٤.
(٥) بالأصل و «ز» : خالد ، والمثب عن مصارع العشاق.
(٦) بالأصل و «ز» : تصدقيني ، والمثبت عن مصارع العشاق.