فتحايت ، وقالت : فداك أبي ، إن رأيت أن تعفيني. فقالت : لا أعفيك بل أعزم عليك ؛ قالت : كنت وعدته قبلة ، قالت : أنجزيها وإثمها عليّ.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا عبيد الله بن أحمد الصيرفي إجازة ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا محمّد بن خلف بن المرزبان ، حدّثني يزيد بن محمّد ، أخبرني محمّد بن سلّام الجمحي قال (١) :
أرادت عزّة أن تعرف ما لها (٢) عند كثيّر ، فتنكرت له ومرت به متعرضة ، فقام فاتبعها فكلمها فقالت له : فأين حبك عزّة؟ فقال : أنا الفداء لك لو أنّ عزّة أمة لي لوهبتها لك ، قالت : ويحك لا تفعل ، فقد بلغني أنها لك في صدق المودة ، ومحض المحبة والهوى ، على حسب الذي كنت تبدي لها من ذلك وأكثر ، وبعد فأين قولك (٣) :
إذا وصلتنا خلّة كي نزيلها (٤) |
|
أبينا وقلنا : الحاجبية أوّل |
فقال كثيّر : بأبي أنت وأمي اقصري عن ذكرها واسمعي ما أقول ، ثم قال :
هل وصل عزّة إلّا وصل غانية |
|
في وصل غانية من وصلها بدل |
قالت : فهل لك في المجالسة (٥) ، فقال لها : وكيف لي بذلك؟ فقالت له : فكيف بما قلت في عزّة وسيّرته لها؟ فقال : أقلبه فيتحول إليك ، ويصير لك ، قال : فسفرت عن وجهها عند ذلك وقالت : أغدرا وتنكاثا يا فاسق ، وإنك لها هنا يا عدوّ الله قال : فبهت وأبلس (٦) ولم ينطق (٧) ، وتحيّر وخجل ، ثم إنّها عرفت أمرها ونكثه وغدره بها ، وأعلمته سوء فعاله ، وقلة حفاظه ، ونقضه للعهد والميثاق ، ثم قالت : قاتل الله جميلا حيث يقول (٨) :
لحى الله من لا ينفع الودّ عنده |
|
ومن حبله إن مدّ (٩) غير متين |
__________________
(١) الخبر باختلاف الرواية في الأغاني ٩ / ٣٢.
(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : حالها.
(٣) البيت في ديوان كثير ص ١٦٠.
(٤) صدره في الديوان : إذا ما أرادت خلة أن تزيلنا.
(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الأغاني : المخاللة.
(٦) بالأصل : وأفلس ، والمثب عن «ز» ، والأغاني. وقوله : أبلس يعني سكت وتحير.
(٧) في المطبوعة : ينطق جوابا.
(٨) البيتان في ديوان جميل ص ١٢٦ (طبعة بيروت. صادر).
(٩) بالأصل و «ز» : صد ، والمثبت عن الديوان.