قال : لا ، هو آمن.
قالت : يا أمير المؤمنين إنها الدماء ، وإنه الحجاج وإن رآه قتله.
قال : كلا.
قالت : فالكتاب يا أمير المؤمنين مع البريد.
قال : فكتب لها كتابا مؤكدا : إياك وإياه ، وأحسن جائزته ورفده وخلّ سبيله ، ثم وجه به مع البريد ، ثم أقبل عليها فقال : ما أنت منه؟ قالت : امرأته ، وابنة عمه.
قال : فضحك وقال : أين نشأت؟ قالت : في حجر أبيه.
قال : فو الله لأنت أعرب وأفصح لسانا ، فهل معه غيرك؟ قالت : نعم ، ابنة عبيد بن كلاب وكذا كذا جارية.
قال : فأنا أوليك طلاقها وعتق جواريه قالت : بل تهنئه نساءه كما هنأته (١) دمه.
فأقبل على أم أيوب فقال : يا أم أيوب ، لا نساء إلّا بنات العم ، ثم قال : أقيمي عند أم أيوب حتى يأتيك الكتاب بمحبتك إن شاء الله.
وقدم الكتاب ، وقد قدم به على الحجاج من خراسان ، فأقامه للناس في سراويل ، وقد كان نزع ثيابه قبل ذلك وعرضه على الناس في الحديد ليعرفوه.
فلما أمسى دعا به الحجاج ، فقال له عبد الله : أتأذن في الكلام؟ قال : لا كلام سائر اليوم.
قال : فكساه وحمله وأجازه وخلّى سبيله ، فانصرف إلى أهله فسألهم عن حبة ، فأخبر بأمرها ، وقيل : ما ندري أين توجهت ، ثم بلغه ما صنعت ، فكتب إليها : إنك قد صنعت بنا ما لم تصنعه أنثى فأعلميني بمقدمك أتلقاك ويتلقاك الناس معي ، فلم تعلمه حتى قدمت ليلا وهو عند ابنة عبيد بن كلاب ، فقالت : لا والله لا يؤذن (٢) بي الليلة ، فلما أصبح أخبر بمكانها فأتاها.
٩٣٢٤ ـ حسينة ماشطة عبد الملك بن مروان
قال ابن شهاب :
__________________
(١) هنأه يهنؤه ويهنئه : أطعمه وأعطاه (القاموس).
(٢) أي لا يعلم بقدومها.