« صلّى بنا رسول الله صلاة العصر ، فلمّا : انفتل جلس في قبلته والناس حوله فبينما هم كذلك إذ أقبل إليه شيخ من مهاجرة العرب [ عليه ] (١) سمل قد تهلل (٢) واخلق (٣) ، وهو لا يكاد يتمالك كبراً وضعفاً (٤).
فأقبل عليه رسول الله يستجليه (٥) الخبر ، فقال الشيخ : يا نبي الله أنا جائع الكبد فاطعمني وعاري الجسد فاكسني وفقير فارشيني ، فقال : ما أجد لك شيئاً ولكن الدالّ على الخير كفاعله ، انطلق إلى منزل من يحبّ الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يؤثر الله على نفسه ، انطلق إلى حجرة فاطمة ، وكان بيتها ملاصق بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله الّذي ينفرد به لنفسه من أزواجه.
و [ قال ] (٦) : يابلال قم فقف به على منزل فاطمة ، فانطلق الاعرابي مع بلال فلما وقف على باب فاطمة نادى بأعلىٰ صوته :
السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومختلف الملائكة ومهبط جبرئيل الروح الأمين بالتنزيل عن عند رب العالمين ، فقالت فاطمة : وعليك السلام ، من أنت يا هذا ؟ قال : شيخ من العرب أقبلت على أبيك سيّد البشر مهاجراً من شقّة بعيدة ، وأنا يابنت محمّد عاري الجسد جائع الكبد فواسيني رحمك الله.
وكان لفاطمة وعلي ورسول الله (٧) صلىاللهعليهوآله ثلاثاً ما طعموا فيها طعاماً ، وقد علم رسول الله ذلك من شأنهما ، فعمدت فاطمة إلى جلد كبش مدبوغ بالقرظ (٨) كان ينام عليه الحسن والحسين : فقالت : خذ هذا أيها الطارق فعسى الله أن يرتاح لك (٩) ما هو خير منه.
__________________
(١) من البحار.
(٢) السمل ـ بالتحريك ـ الثوب الخلق ، قوله : قد تهلل أي الرجل ، من قولهم : تهلل وجهه إذا استنار وظهر فيه آثار السرور ، أو الثوب كناية عن انخراقه ـ البحار.
(٣) في « ط » : اختلق. |
(٤) في « ط » : ضعفاً وكبراً. |
(٥) في البحار : يستحثه ، وهو بمعنى يسأله الخير ويحثه ويرغّبه على ذكر أحواله.
(٦) عنه البحار. |
(٧) في « ط » : وعلى في تلك الحال ورسول الله. |
(٨) القرظ : ورق السلم يدبغ به.
(٩) في « م » : فعسى ان يتاح لك ، أقول : أرتاح الله لفلان : أي رحمه.