جبرئيل عليهالسلام بهذه الآية (١) : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٢).
فبعث إليهم (٣) النبي صلىاللهعليهوآله فقال : هل من حدث ؟ فقالوا : إي والله يارسول الله ، لقد قال بعضنا كلاماً غليظاً كرهناه ، فتلا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله الآية ، فبكوا واشتدّ بكاؤهم ، فأنزل الله عزّ وجلّ ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) (٤) ، فهذه السادسة.
وأمّا الآية السابعة : فقول الله تعالى : ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (٥) ، وقد علم المعاندون منهم انّه لمّا نزلت هذه الآية قيل : يارسول الله ! قد عرفنا التسليم عليك وكيف الصلاة [ عليك ] (٦) ؟ قال : تقولون : اللهم صلِّ على محمّد وآل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، فهل بينكم معاشر المسلمين (٧) في هذا خلاف ؟ فقالوا : لا ، قال المأمون : هذا مما لا خلاف فيه أصلاً وعليه إجماع الاُمّة ، فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن ؟
قال أبو الحسن عليهالسلام : نعم ، أخبروني عن قول الله عزّ وجلّ : ( يس * وَالْقُرْآنِ الحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ * عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٨) ، فمن عنى بقوله يس ؟ قالت العلماء : يس محمّد صلىاللهعليهوآله لم يشك فيه أحد ، قال أبو الحسن عليهالسلام : فانّ الله أعطى محمداً وآل محمّدٍ من ذلك فضلاً لا يبلغ أحد كنهه ووصفه (٩) إلاّ من عقله ، وذلك أنّ الله عزّ وجلّ لم يسلّم على أحد إلاّ على الأنبياء عليهمالسلام ، فقال تبارك وتعالى : ( سَلامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ) (١٠) ، وقال : ( سَلامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ) (١١) ،
__________________
(١) في العيون : فانزل الله هذه الآية. |
(٢) الأحقاف : ٨. |
(٣) في العيون : عليهم. |
(٤) الشورى : ٢٥. |
(٥) الأحزاب : ٥٦. |
(٦) من العيون. |
(٧) في تأويل الآيات : معاشر الناس. |
(٨) يس : ١ ـ ٤. |
(٩) في التأويل : كنه وصفه. |
(١٠) الصافات : ٧٩. |
(١١) الصافات : ١٠٩.