أبي يحيى بن أكثم ] (١) القاضي ، قال :
« أقدم المأمون دعبل بن علي الخزاعي رحمهالله وآمنه على نفسه ، فلمّا مثل بين يديه ـ وكنت جالساً بين يدي المأمون ـ فقال [ له ] (٢) أنشدني قصيدتك الكبيرة ، فجحدها دعبل وأنكر معرفتها ، فقال له : لك الأمان عليها كما أمنتك على نفسك ، فأنشده :
تأسفتْ جارتي لمّا رأت زوري (٣) |
|
وعدّت الحلم ذنباً غير مغتفرِ (٤) |
ترجو الصبا بعدما شابت ذوائبها (٥) |
|
وقد جرت طلقاً في حلية الكبرِ (٦) |
أجارتي ان شيب الرأس يعلّمني (٧) |
|
ذكر المعاد وأرضاني عن القَدَرِ (٨) |
لو كنتُ أركن للدنيا وزينتها |
|
إذاً بكيت على الماضين من نفرِ |
أخنى الزمان على أهلي فصدّعهم (٩) |
|
تصدع الشعب لاقى صدمة الحجرِ (١٠) |
بعضٌ أقامَ وبعضٌ قد أصات بهم (١١) |
|
داعي المنيّة والباقي على الأثرِ |
أما المقيم فأخشى أن يفارقني |
|
ولست أوبة من ولّى بمنتظرِ |
أصبحت أخبر عن أهلي وعن ولدي |
|
كحالم قصّ رؤيا بعد مدّكرِ |
لولا تشاغل عيني بالاُولىٰ سلفوا |
|
من أهل بيت رسول الله لم أقرِ (١٢) |
وفي مواليك للأحزان مشغلةٌ (١٣) |
|
من أن تبيتَ لمفقودٍ على أثرِ (١٤) |
كم من ذراعٍ لهم بالطفِ بائنة |
|
وعارض بصعيد الترب منعفرِ |
__________________
(١) من الأمالي. |
(٢) من الأمالي. |
(٣) زوري : ازواري بعدي عن النساء. |
(٤) الحلم : الأناة والعقل. |
(٥) ترجو الصبي : أي ترجو مني أن اتصابىٰ لها.
(٦) في الأمالي : الحلبة ، وهو بالتسكين : خيل تجمع للسباق من كل أوب لا تخرج من اصطبل واحد.
(٧) في الأصل : ثقلني ، وما أثبتناه من الأمالي.
(٨) في الأمالي : أرضائي. |
(٩) أخنى عليه الدهر : أتىٰ عليه وأهلكه. |
(١٠) الشعب : الصدع في الشيء وأصلاحه.
(١١) في الأصل : به ، وما أثبتناه من الأمالي ، أقول : أصات بهم : صوت بهم ودعاهم.
(١٢) لم اقر : من وقَرَ يقرُ بمعنى جلسَ. |
(١٣) خ في الأمالي : للتحزين. |
(١٤) خ في الأمالي : لمشغولٍ.