وسيماً ، قال : ليس عن هذا سألتك ، قال : فعمّا سألتني ياهذا ؟ قال : عن سيرته في الناس ، قال : خلّفته ظلوماً غشوماً (١) يأخذ بغير حقٍ ويعطي في غير الحق.
قال : ويلك أنا الحجاج وذاك أخي محمّد بن يوسف أما عرفت عِزّي ؟ فقال الأعرابي : أو ما عرفت عِزّي إنا برب العالمين ؟ قال الحجاج : ياأعرابي حسبك زنديقاً ، قال : ما أنا زنديق ولكنّي موحد ، قال : ولمن أنت موحد ؟ قال : لله الذي خلق السماوات والأرض ، قال : فتعرف الله ؟ قال : نعم ، على الخبير سقطتَ.
قال : فبما عرفت الله ؟ قال : ليس بذي نسب فيُرىٰ ولا بجسم فيتجزّأ ، ولا بذي غاية فيتناهىٰ ، ولا يحدث فيبصر ، ولا بمستتر فينكشف ، ولا دهور بغيره خلاف أزمنتها ، لكن جلّ ذلك الكبير المتعال الذي خلق فأتقن ، وصوّر فأحسن ، وعلا فتمكن ، واتقن على الاُمور بعزته ، لا يوصف هو بالحركة لأنّها زوال ، ولا بسكون لأنّه من صفة المتشابهين بالأمثال ، لا يخفىٰ عليه كرور ذوي الأحوال ، عالم الغيب والشهادة ، الكبير المتعال.
فقال الحجاج : ياأعرابي لقد أحسنت في التوحيد ، فما قولك في هذا الرجل المبعوث محمّداً صلىاللهعليهوآله ؟ فقال : نبي الرحمة ، بعثه الله على حين فترة من الرسل وضلالة من الاُمم ، والاُمم يومئذٍ في الجاهلية الجهلاء ، لا يدينون لله بدين ولا يقرأون له كتاباً ، أصحاب حجرٍ ومدرٍ وضيق وضنك ، عبدوا من دون الله أصنام واتخذوا الأوثان حتىٰ بعث الله عزّ وجلّ نبياً مرسلاً جمع اُمورهم.
فقال الحجاج : ياأعرابي لقد أحسنت في هذا أيضاً ، فما قولك في علي بن أبي طالب ؟ قال : فسكت الأعرابي ، قال في نفسه : إن أنا صدّقته قتلني وإن كذّبته فبمَ ألقىٰ محمّداً صلىاللهعليهوآله ، ثم قال : الدنيا فانية والآخرة باقية خذها إليك من السلمي علي بن أبي طالب الداعي إلى الله ، وصهر المرسل الأوّاه ، وسفينة النجاح ، وبحر بين الساح (٢) ، وغيث بين الرواح ، قاتل المشركين ، وقامع المعتدين ، وأمير المؤمنين ، وابن عمّ نبي الله صلىاللهعليهوآله أجمعين ، وزوج فاطمة الزهراء ، وأب الحسن
__________________
(١) غَشَم : ظَلَم. |
(٢) ساح الماء : جرى على وجه الأرض. |