[ واما لخير الآخرة ] (١) فان الله تعالى يكفّر بكلّ حسنة سيئة ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ ) (٢) ، حتّى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم ثم أعطاهم بكلّ واحدة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله تعالى : ( جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ) (٣) ، وقال : ( أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ) (٤) ، فارغبوا في هذا ـ يرحمكم الله ـ واعملوا له وتحاضّوا عليه.
واعلموا يا عباد الله انّ المتقين حازوا عاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم ، وأباحهم الله من الدنيا ما كفاهم وبه أغناهم ، قال الله عزّ وجلّ : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) (٥).
سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت ، أكلوا بأفضل ما أكلت ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون ، وشربوا بأفضل ما يشربون ، ولبسوا من أفضل ما يلبسون ، وتزوجوا من افضل ما يتزوجون ، وركبوا من أفضل ما يركبون ، اصابوا لذة الدنيا [ مع اهل الدنيا ] (٦) ، وهم غداً جيران الله يتمنّون عليه فيعطيهم ما تمنّوا ، لا تردّ لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من اللذة.
فإلى هذا ياعباد الله يشتاق من كان له عقل ويعمل بتقوى الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ياعباد الله إن اتّقيتم الله وحفظتم نبيّكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد وذكرتموه بأفضل ما ذكر ، وشكرتموه بأفضل ما شكر ، وأخذتم بافضل ( الصبرو ) (٧) الشكر ، واجتهدتم بأفضل الاجتهاد ،
__________________
(١) اضفناه من الغارات تتميماً للمعنى. |
(٢) هود : ١١٤. |
(٣) النبأ : ٣٦. |
(٤) سبأ : ٣٧. |
(٥) الاعراف : ٣٢. |
(٦) من الامالي. |
(٧) ليس في « ط ».