المجرم وأزلامه ونظامه الفاسد ، وبعد عشرين عاماً تحت التراب أجساداً طريةً من الشهداء الذين استشهدوا في ساحة الجهاد ، وهذا إن دلَّ على شيءٍ فإنّما يدلّ على أنّ هؤلاء كانوا حقاً من الشهداء ، وأنّ أعداءهم كانوا على باطل وضلال ، وأنّ الله تعالى يُرينا آياته ، فهل يتّعظ من يحرّم زيارة القبور ؟
والتاريخ يذكر لنا في طيّاته مثل هذه الآيات ، نكتفي بما ذكرناه لحداثته ، وعدم الإمكان في الطعن بمجرياته.
والشهيد كما قيل : من يشهد مقعده في الجنّة ، وقيل : إنّ الملائكة تشهد له بذلك عند سقوط أول قطرة من دمه على الأرض في سبيل الله ، وللشهداء منزلة يغبطون عليها ، كما قال تعالىٰ : (١)
( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (٢).
والذي يراجع التاريخ يرى أنّ سيّد الشهداء سيّد شباب أهل الجنّة ، الحسين بن عليّ عليهالسلام ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله قد تعرّض قبره الشريف وزوار قبره إلى ما يندىٰ له الجبين ، من قِبَل حكّام الجور والظلمة وأعداء الدين من ملوك بني العباس والوهابيّين ومن عملاء الاستعمار في عهود مختلفة كهدم القبر الشريف ، أو فتح الماء عليه ، أو الإغار علىٰ الحرم الطاهر ونهب ما فيه ، وقتل مَن فيه والتعرض لزوّاره في كلّ مكان وزمان ، حتّىٰ استفزّوهم بدفع الضريبة المالية والضريبة الجسدية بقطع أيديهم وسَملِ
___________________________________
١ ـ مجمع البيان : ٢ / ٨٨٤ ، تفسير الميزان : ٤ / ٦٠.
٢ ـ آل عمران : ١٦٩.