ويقال : إنّما أمر بدفنهما في قبر واحد لِمَا كان بينهما من الصفاء ، فقال : « ادفنوا هذين المتحابَّين في الدنيا في قبر واحد ».
وكان عبدالله بن عمرو بن حزام رجلاً أحمر أصلع ، ليس بالطويل ، وكان عمرو بن الجموح طويلاً ، فعُرفا ، ودخل السيل بعد عليهما ، وكان قبرهما ممّا يلي السيل ، فحُفِر عنهما ، وعليهما نمرتان ، وعبدالله قد أصابه جرح في وجهه ، فيده على وجهه ، فاُميطت يده عن جرحه ، فثغب الدم ، فردّت إلى مكانها فسكن الدم.
قال الواقدي : وكان جابر بن عبدالله يقول : رأيت أبي في حفرته وكأنّه نائم ، وما تغيّر من حاله قليل ولا كثير ، فقيل له : أفرأيت أكفانه ؟ قال : إنّما كُفّن في نمرة خمّر بها وجهه ، وعلى رجليه الحرمل ، فوجدنا النمرة كما هي ، والحرمل على رجليه كهيئته ، وبين ذلك وبين وقت دفنه ستّ وأربعون سنة ، فشاورهم جابر في أن يطيّبه بمسك ، فأبى ذلك أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله وقالوا : لا تُحدِثوا فيهم شيئاً.
قال : ويقال : إنّ معاوية لمّا أراد أن يُجري العين التي أحدثها بالمدينة ـ وهي كظامة ـ نادى مناديه بالمدينة : من كان له قتيل باُحدٍ فليشهد.
فخرج الناس إلى قتلاهم ، فوجدوهم رِطاباً يتثنّون ، فأصابت المسحاة رِجل رجلٍ منهم فثقبت دماً !
فقال أبو سعيد الخدري : لا ينكر بعد هذا منكر أبداً (١).
واليوم تُرينا الأحداث مثل هذه الآية ، لقد وجِدَت في جبهة القتال جبهة الحق والباطل ، رجال ممن قاتلوا الكفر العالمي وحزب صدام
___________________________________
١ ـ شرح نهج البلاغة : ١٤ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ، عن المغازي : ١ / ٢٦٧.