ثم قال : يا خير الرسل ، إنّ الله أنزل عليك كتاباً صادقاً قال فيه : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ ) الآية ، إلىٰ آخر ما في فصل التوسّل ، ثمّ ذكر السمهودي هذه القصة بطريقين آخرين عن عليٍّ عليهالسلام لا نطيل بذكرهما ، فليطلبهما من أرادهما.
والدليل الثاني من الكتاب العزيز هو : أنّ الله تعالى ينهى حبيبه محمّداً صلىاللهعليهوآله عن الصلاة على جنازة المنافق والقيام على قبره ، فيقول سبحانه :
( وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ) (١)
فالآية تسعى لهدم شخصية المنافق ، وهزّ العصا في وجوه حزبه ونظائره ، والنهي عن هذين الأمرين بالنسبة للمنافق و بيان انّ هذين من خصائص المؤمنين وليس للمنافقين.
والآن يجب أن ننظر في قوله تعالىٰ : ( وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ) ما معناه ؟
هل المعنى هو القيام وقت الدفن فقط حيث لا يجوز ذلك للمنافق و يستحبّ للمؤمن ، أو المعنى أعمّ من وقت الدفن و غيره ؟
الجواب : نظر بعض المفسّرين إلىٰ الآية نظرة ضيّقة فقال بالقول الأوّل ، ولكنّ البعض الآخر ـ كالبيضاوي وغيره ـ نظروا إليها نظرة واسعة فقالوا : إنّ النهي في ( وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ) هو عن الدفن والزيارة. والتدقيق
___________________________________
١ ـ التوبة : ٨٤.