والوعّاظ وبيّتتها العلماء وحذّروا الناس منها ؛ لئلّا يقصدوا بسفرهم الزيارة فيقعوا في الحرام الموجب للعقاب من حيث قصدوا الثواب ، ولكان بينها أصحاب كتب المناسك الذين لم يهملوا شيئاً يتعلّق بالحجّ والزيارة من المستحبات فضلاً عن هذا الأمر المهم الموقع في الحرام.
أمّا المنقول عن أئمة المذاهب الأربعة ففي وفاء الوفا (١) بعدما ذكر اختلاف السلف في أنّ الأفضل البدأة بالمدينة أو بمكة : حكى عن الإمام أبي حنيفة : أنّ الأحسن البدأة بمكة ، وإن بدأ بالمدينة جاز ، فيأتي قريباً من قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله فيقوم بين القبر والقبلة. انتهى.
وأمّا ما يحكى عن مالك : أنّه كره أن يقال : زرنا قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فهو على فرض صحته محمول عل كراهة التلفظ بهذا اللفظ لبعض الوجوه التي ذكروها ممّا لا نطيل بنقله ، لا لكراهة أصل الزيارة ، مع أنّ العلماء ناقشوه في كراهة هذا اللفظ ، كالسبكيّ وابن رشد على ما في « وفاء الوفا ».
وذكر السمهودي في وفاء الوفا (٢) أقوال الشافعية في استحباب زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ثم قال : والحنفية قالوا : إنّ زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله من أفضل المندوبات والمستحبات ، بل تقرب من درجة الواجبات ، قال : وكذلك نصّ عليه المالكية والحنابلة. وأوضح السبكي نقلهم في كتابه في الزيارة. انتهى.
___________________________________
١ ـ وفاء الوفا : ٢ / ٤١١.
٢ ـ المصدر السابق : ٤١٥.