ومعصية ؟! فالسفر للطاعة لا يكون إلّا طاعة ، كما أنّ السفر للمعصية لا يكون إلّا معصية ، وكيف تكون مقدمة المستحب محرّمة ؟!
ويدلّ على ذلك : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله والصحابة كانوا يذهبون كلّ سبتٍ إلى مسجد قبا ، وبينه وبين المدينة ثلاثة أميال أو ميلان ركباناً ومشاةً لقصد الصلاة فيه ، ولا فرق في السفر بين الطويل والقصير ؛ لعموم النهي لو كان.
روى البخاري في صحيحة (١) : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يأتي مسجد قبا كل سبتٍ ماشياً وراكباً ، وأنّ ابن عمر كان يفعل كذلك.
وفي رواية : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يزوره راكباً وماشياً.
وروى النسائي في سننه : أنّه كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يأتي قبا راكباً وماشياً. وأنّه قال : « من خرج حتى يأتي هذا المسجد ـ مسجد قبا ـ فصلّى فيه كان له عدل عمرة » (٢).
وفي إرشاد الساري : عن ابن أبي شيبة في أخبار المدينة بإسناد صحيح ، عن سعد بن أبي وقاص : « لأن اُصلّي في مسجد قبا ركعتين أحبّ إليَّ من أن آتي بيت المقدس مرّتين ، لو يعلمون ما في قبا لضربوا إليه أكباد الإبل ».
وهذا نصّ من سعدٍ على استحباب ضرب أكباد الإبل إليه ، الذي لا يكون إلّا بالسفر إليه من مكان بعيد.
وروى الطبراني : « من توضّأ فأسبغ الوضوء ثم غدا إلى مسجد قبا لا يريد
___________________________________
١ ـ صحيح البخاري : ١ / ٢٠٦ ، شرح صحيح البخاري : ٢ / ٣٣٢.
٢ ـ سنن النسائي : ٢ / ٣٧.