والنقلية كثيرة على عدم العمل بمضمونها فلا يعمل به وان كانت صحيحة ، فكيف العمل بها مع كونها حسنة لوجود إبراهيم بن هاشم لو سلم ما تقدم ، وان كان الظاهر ان إبراهيم لا بأس به ، وما تقدم صحيح.
وتقديم مثل هذه على الأدلة العقلية والنقلية ـ وتخصيصهما به والحكم بصحة البيع ـ لا يخلو عن شيء لأجل ذلك ، لا لأنها تستلزم الجهالة والغرر كما فهم من التذكرة ، لأن دخولها تحت الغرر المنفي والجهل الممنوع غير ظاهر ، لان الاختيار اليه ، وعلى كل من التقديرين الثمن معلوم ، على أنه قد تقرر أن الأجل بالأقل ، ولا لأن في سندها جهالة وضعفا كما في شرح الشرائع. لأن ذلك غير ظاهر ، بل الظاهر ما عرفت ، فينبغي أما العمل بمضمونها وفيه بعد ، واما تأويلها فتأمل انتهى وهو جيد.
والروايتان المذكورتان وان كان موردهما مخصوصا بما إذا كان البيع بثمن حال ومؤجل ، الا أن الأصحاب عدوهما أيضا الى ما إذا باع الى وقتين متأخرتين بتفاوت بين الثمنين من حيث قرب الأجل وبعده ، كما تقدم ، وأنت خبير بما فيه.
المسألة الثانية المشهور بين الأصحاب أنه لو اشتراه البائع في حال كون البيع الأول نسيئة صح البيع الثاني ، سواء كان قبل الأجل أو بعده ، بجنس الثمن وغيره ، بزيادة أو نقيصة ، وقيل : بالتحريم في ما إذا كان البيع بجنس الثمن بزيادة أو نقصان ، وقيل : بتخصيص ذلك بالطعام ، والقول بالصحة فيما اتفقوا عليه مشروط بأن لا يشترط في بيعه الأول بيعه من البائع ، والا لبطل البيع الأول سواء كان حالا أو مؤجلا وسواء شرط بيعه من البائع بعد الأجل أم قبله.
والذي وقفت عليه من الاخبار في هذا المقام ما رواه الصدوق في الصحيح عن منصور بن حازم (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) : رجل كان له على رجل دراهم من ثمن غنم اشتراها منه ، فاتى الطالب المطلوب يتقاضاه ، فقال له
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام العقود الحديث ـ ١ ـ الفقيه ج ٣ ص ١٦٥.