القائل انما يتم على تقدير الصورة الأولى ، دون الثانية ، فإن المشتري الثاني حال الكيل والوزن للبائع الذي هو المشترى الأول لا يصدق عليه انه حضر لاستيفاء حقه ، وأنه يحتاط لنفسه ، بل الحق في تلك الحال انما هو حضر لغيره وان كان هو من جملة الحاضرين ، وأنه بعد ذلك الكيل والوزن قد أخذه به واعتمد عليه.
وبالجملة فإن التعليل المذكور لا يتم في إحدى الصورتين المذكورتين ، وتخصيص العبارة الأولى بهذه الصورة يحتاج الى ما يدل عليه ، وظاهرها انما هو العموم كما قدمناه ، وبه لا يتم الدليل المذكور كليا ، ثم انه على تقدير التخصيص بهذه الصورة فإن التعليل المذكور لا يخلو أيضا من شيء ، فإنه بمقتضى ما ذكره أنه قد تعارض الأصل والظاهر و ، ان الأصل مرجح لجانب المشترى ، والظاهر مرجح لجانب البائع ، ومقتضى تعارضهما تساقطهما ، والتوقف في ذلك إلا مع وجود المرجح لأحدهما ، وهو لم يذكر هنا مرجحا للظاهر يوجب تقديمه على الأصل ، اللهم الا أن يراد أن الظاهر رافع لحكم الأصل ، كالخبر الدال على خلاف مقتضى الأصل ، فإنه يجب الخروج به عن مقتضى الأصل ، والمراد بالتعارض هنا انما هو ذلك ، والظاهر أنه هو المراد في أمثال هذا المقام.
وفيه مع ذلك جوار الغفلة والسهو من ذلك المشتري ، أو الاعتماد على كيل البائع ووزنه ، فلا يمكن الخروج به عن الأصل المذكور ، وبالجملة المسألة ـ لخلوها من النص ـ لا يخلو من التوقف والاشكال والله العالم.
الرابع عشر ـ لو كان في ذمته طعام ، وأراده منه أو قيمته في بلد أخرى غير البلد التي استقر الطعام فيها بذمته فهو لا يخلو عن ثلاثة شقوق ، الأول ـ أن يكون الطعام سلفا قالوا : إذا أسلفه في طعام بالعراق مثلا ، ثم طالبه بالشام لم يجب عليه دفعه ، لان مال السلم يتعين دفعه عند الإطلاق في بلده ، وفي موضع التعيين ان عين الموضع ، فدفعه في غير بلد يتعين دفعه فيه غير واجب ، سواء كانت قيمته وقت المطالبة مخالفة لقيمته في بلد التسليم أم مساوية ، قالوا : وهذا لا شبهة فيه.
أقول لم أقف على دليل يدل على ما ادعوه هنا من أنه مع الإطلاق يتعين