المشترى للمبيع مشكل ، وتملك البائع للثمن مشكل ، إلا أنك قد عرفت من الرواية المتقدمة كون ذلك بيعا وشراء من غير معارض ، سوى ما قالوه ، والأظهر الوقوف على مقتضى النص ، فان ما ذكروه وان كان مقتضى القواعد الشرعية أيضا ، الا انه يمكن تخصيصها بهذا الخبر بأن يخص الانعتاق بالملك بالشراء ، دون التملك قهرا ، وقوفا على مورد أخبار كل من المقامين والله العالم.
والمسألة الثانية عشر ـ اختلف الأصحاب فيما لو دفع الى مأذون مالا ليشتري به نسمة ويعتقها عنه ويحج بالباقي ، فاشترى أباه ودفع إليه بقية المال ، فحج به ، فاختلف مولاه وورثة الأمر ومولى الأب ، فكل يقول اشترى بمالي ، فقال الشيخ في النهاية الحكم أن يرد المعتق على مولاه الذي كان عنده يكون رقا له كما كان ، ثم أى الفريقين الباقيين منهما أقام البينة بأنه اشترى بماله سلم اليه ، وان كان المعتق قد حج ببقية المال لم يكن الى رد الحجة سبيل ، وتبعه في ذلك ابن البراج.
وقال ابن إدريس : لا أرى لرد المعتق على مولاه وجها ، بل الأولى عندي أن القول قول سيد العبد المأذون له في التجارة ، والعبد المبتاع لسيد العبد المباشر للعتق ، وان عتقه غير صحيح ، لأن إجماع أصحابنا على أن جميع ما بيد العبد فهو مال لسيده ، وهذا الثمن في يد المأذون ، وأنه اشتراه فإذا اشتراه فقد صار ملكا لسيد المأذون الذي هو المشترى ، فإذا أعتقه المأذون بعد ذلك فعتقه غير صحيح ، لانه لم يؤذن له في العتق ، بل أذن له في التجارة فحسب ، هذا إذا عدمت البينتان ، فهذا تحرير القول والفتوى في ذلك انتهى (١).
__________________
(١) أقول : أما دعوى مولا العبد المأذون فظاهر مما ذكره ابن إدريس ، وأما دعوى مولى الأب أنه اشتراه بمالي فيحمل على أن يكون العبد المأذون وكيلا له بالاذن وعنده مال له ، أو انه أخذ الأب من مالي وأعطاه ابنه ليشتريه ، ونحو ذلك ، واما دعوى ورثة الموصي فظاهر حيث ان مورثهم دفع اليه ذلك الوجه الذي اشترى به العبد ، فهو قد اشترى بمالنا ـ