وبذلك يظهر لك ما في الفروض المذكورة في كلام ذلك القائل في تعدية الحكم الى بيع دينار بدينار ، وعشرة دراهم بعشرة أخرى ونحو ذلك ، فإنه على إطلاقه ممنوع ، لحصول الربا بالزيادة الحكمية ، بل ينبغي تقييده بما دلت عليه الرواية من نقص أحد العوضين ليصح الاشتراط ، ويندفع الربا.
وأما ما ذكره ابن إدريس من تخصيص الربا بالزيادة العينية في أحد الجنسين فيرده ما تقدم في صحيحة عبد الرحمن الحجاج من قوله (عليهالسلام) (١) «أن الناس لم يختلفوا في النسيء أنه الربا». ونحوها غيرها من الاخبار المانعة من البيع نسيئة لذلك.
وأما ما ذكره المحقق الأردبيلي (عطر الله مرقده) من أن ظاهر قوانينهم أنه ليس الحيادة زيادة تجبر بشيء ، ولهذا لا يتحقق الربا بين الجيد في غاية الجيادة والردي في غاية الرداءة مع التساوي في المقدار ، ويتحقق مع التفاوت ، وان كان في جانب الردى بشيء يسير لا يقابل الجيادة التي في الجيد ، وهو صريح كلامهم انتهى.
ففيه انه ينبغي أن يعلم أن هنا شيئين ، أحدهما أن تكون الفضة خالصة ، وإذا عملت دراهم جعل فيها غيرها من نحاس أو رصاص أو غيرهما ويسمى حينئذ مغشوشة وثانيهما أن تكون الفضة من أصلها ومعدنها ردية غير جيدة ، والمراد من الدراهم الجياد والدراهم الردية انما هو ما كان باعتبار أصل الجوهر ، لا من حيث ضم شيء اليه وعدمه ، وما نحن فيه انما هو من قبيل الأول ، لأن الغلة كما ذكرنا هي الدرهم المغشوش بغيره ، وما اعترض به انما هو من الثاني ، وهو مما لا خلاف فيه ، لانه ليس فيه شيء غير الفضة من الأشياء الخارجية عنها ، الا أن فضته ليست جيدة ، ويدلك على ذلك ما تقدم في المسألة الثالثة في الفضة المغشوشة من أنها لاتباع الا بغير الجنس ، أو به مع الزيادة في الثمن ليقابل ما فيها من الغش. وبالجملة فإن كلامه
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ١١٣.