وأنه لا يضره ذلك حتى يكون متعمدا معنى بالإثم ، ولا يجب عليه رده إلا في صورة العلم ، وكذلك قوله (عليهالسلام) في الرواية الخامسة والسادسة ، «فما مضى فحلال وما بقي فليتحفظ» فإنه كالصريح ، بل صريح في حل ما أكله حال الجهل ، وهو أيضا ظاهر الروايات الباقية ، فإنها متفقة في أنه مع الجهل لا يجب عليه رده ، كما أفتى به فقهاء العامة.
بقي الكلام في تفصيله (عليهالسلام) في الاخبار الثلاثة الأول ، وفرق بين ما كان معزولا ، وما كان مختلطا بمال حلال ، وهو بظاهره موافق لما تقدم نقله عن ابن الجنيد ، ويمكن حمل رد المعزول على الأولوية والاستحباب ، وان كان الجميع حلالا من حيث الجهل ، كما ينادى به سياق الأخبار المذكورة ، سيما الخبر الخامس والسادس كما عرفت.
واما احتمال الحمل على الحل من حيث الاختلاط كما صار اليه بعض أفاضل متأخري المتأخرين (١) لا من حيث الجهل ، فهو بعيد عن سياق الأخبار المذكورة.
وأما قول العلامة ـ (رحمهالله) لأنها معاوضة باطلة ، ـ فهو ممنوع ، لأنها من حيث الجهل صحيحة بحسب ظاهر الشرع ، وثبوت البطلان بعد العلم يحتاج الى دليل ، إذ الحل والحرمة والطهارة والنجاسة ونحوها مما تبنى على علم المكلف وعدمه ، لا على الواقع ونفس الأمر ، كما مر تحقيقه في كتاب الطهارة من هذا الكتاب (٢).
وأما استدلال ابن إدريس ومثله العلامة في المختلف بقوله تعالى
__________________
(١) وهو المحدث الكاشاني والفاضل الخراساني في الكفاية حيث ذهبا الى أن الحرام المختلط بالحلال في المحصور حلال ، وقد أوضحنا بطلانه في كتابنا الدرة النجفية. منه رحمهالله.
(٢) ج ١ ص.