وأما أن البيع بعد الثلاثة باق والبائع مخير في الفسخ أو الصبر الى أن يأتي المشتري بالثمن ، فلا دلالة في الاخبار عليه بوجه كما لا يخفى على المتأمل في سياقها.
وقد نقل القول بالبطلان هنا عن ظاهر ابن الجنيد والشيخ ، وبه اعترف العلامة في المختلف ، وان أجاب بما لا يجدى نفعا قال في الكتاب المذكور : قال ابن الجنيد (رحمة الله عليه) : إذا خرجت الثلاثة ولم يأت بالثمن فلا بيع.
وفي المبسوط روى أصحابنا إذا اشترى شيئا بعينه بثمن معلوم ، وقال للبائع أجيئك بالثمن ومضى فان جاء في مدة الثلاثة كان المبيع له ، وان لم يجيء في هذه المدة بطل البيع.
وظاهر هذه العبارة يوهم بطلان البيع بعد مضى الثلاثة.
والذي نص عليه المفيد والشيخ في النهاية انه يكون للبائع الخيار ان شاء فسخ البيع ، وان شاء طالب بالثمن ، وهو الحق ، لنا الأصل بقاء صحة العقد. والاخبار تعطي الذي قاله الشيخ أولا وابن الجنيد ، ثم نقل صحيحة زرارة المتقدمة وصحيحة على بن يقطين ، ثم قال : والجواب الحمل على انه لا بيع لازم له.
أقول : فيه ان ما ذكره من التأويل مع تعسفه وبعده يتوقف على وجود المعارض ولا معارض هنا الا ما يدعيه من ان الأصل بقاء صحة العقد ، وهو أصل غير متأصل (١)
__________________
(١) أقول : فإن فرض عدم لزومه في الثلاثة باعتبار تطرق البطلان عليه من جهة عدم التقابض ، وانما يلزم وتصير بيعا مانعا من الرجوع بذلك ، وعدم اللزوم بعد الثلاثة باعتبار الخيار الذي للبائع كما يدعونه فإنه مسلط على الفسخ فالحالان مشتركان في عدم لزوم البيع وتمامه وان اختلف الوجه في كل منهما.
وأما قولهم ان البيع لازم ثلاثة أيام فإنما يريدون به من حيث عدم الخيار في ضمن ثلاثة أيام ، فلو لم يحصل بطل على أحد القولين ، وصار غير لازم من جهة الخيار على القول المشهور ، ـ منه رحمهالله.