عدّدت منهيات كثيرة تشابه آيات هذه السورة وهي قوله : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) وليس يلزم أن يكون المراد بالآيات المتماثلة واحدا.
وتقدّم القول في : (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) عند قوله تعالى : (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) في هذه السّورة [١٢٠].
وأعقب ذلك بالنّهي عن قتل النّفس ، وهو من الفواحش على تفسيرها بالأعمّ ، تخصيصا له بالذّكر : لأنّه فساد عظيم ، ولأنّه كان متفشيا بين العرب. والتّعريف في النّفس تعريف الجنس ، فيفيد الاستغراق.
ووصفت ب (الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) تأكيدا للتّحريم بأنّه تحريم قديم فإنّ الله حرّم قتل النّفس من عهد آدم ، وتعليق التّحريم بالنّفس : هو على وجه دلالة الاقتضاء ، أي حرّم الله قتلها على ما هو المعروف في تعليق التّحريم والتّحليل بأعيان الذّوات أنّه يراد تعليقه بالمعنى الذي تستعمل تلك الذّات فيه كقوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) [المائدة : ١] أي ، أكلها ، ويجوز أن يكون معنى : (حَرَّمَ اللهُ) جعلها الله حرما أي شيئا محترما لا يعتدى عليه ، كقوله تعالى : (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها) [النمل : ٩١]. وفي الحديث : «وإنّي أحرّم ما بين لابتيها».
وقوله : (إِلَّا بِالْحَقِ) استثناء مفرّغ من عموم أحوال ملابسة القتل ، أي لا تقتلوها في أيّة حالة أو بأي سبب تنتحلونه إلّا بسبب الحقّ ، فالباء للملابسة أو السببيّة.
والحقّ ضدّ الباطل ، وهو الأمر الذي حقّ ، أي ثبت أنّه غير باطل في حكم الشّريعة وعند أهل العقول السّليمة البريئة من هوى أو شهوة خاصّة ، فيكون الأمر الذي اتّفقت العقول على قبوله ، وهو ما اتّفقت عليه الشّرائع ، أو الذي اصطلح أهل نزعة خاصّة على أنّه يحقّ وقوعه وهو ما اصطلحت عليه شريعة خاصّة بأمّة أو زمن.
فالتّعريف في : الحق للجنس ، والمراد به ما يتحقّق فيه ماهية الحقّ المتقدّم شرحها ، وحيثما أطلق في الإسلام فالمراد به ماهيته في نظر الإسلام ، وقد فصّل الإسلام حقّ قتل النّفس بالقرآن والسنّة ، وهو قتل المحارب والقصاص ، وهذان بنصّ القرآن ، وقتل المرتدّ عن الإسلام بعد استتابته ، وقتل الزّاني المحصن ، وقتل الممتنع من أداء الصّلاة بعد انظاره حتّى يخرج وقتها ، وهذه الثّلاثة وردت بها أحاديث عن النّبيء صلىاللهعليهوسلم ، ومنه القتل الناشئ عن إكراه ودفاع مأذون فيه شرعا وذلك قتل من يقتل من البغاة وهو بنصّ