المنسوب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم تعضيدا لما اشتمل عليه الكلام المنسوب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم من كون القرآن حقّا ، وأنّه من عند الله.
والمراد بالّذين آتاهم الله الكتاب : أحبار اليهود ، لأنّ الكتاب هو التّوراة المعروف عند عامّة العرب ، وخاصّة أهل مكّة ، لتردّد اليهود عليها في التّجارة. ولتردّد أهل مكّة على منازل اليهود بيثرب وقراها ولكون المقصود بهذا الحكم أحبار اليهود خاصّة قال : (آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ولم يقل : أهل الكتاب.
ومعنى علم الّذين أوتوا الكتاب بأنّ القرآن منزّل من الله : أنّهم يجدونه مصدّقا لما في كتابهم ، وهم يعلمون أنّ محمّدا صلىاللهعليهوسلم لم يدرس كتابهم على أحد منهم ، إذ لو درسه لشاع أمره بينهم ، ولأعلنوا ذلك بين النّاس حين ظهور دعوته. وهم أحرص على ذلك ، ولم يدّعوه. وعلمهم بذلك لا يقتضي إسلامهم لأنّ العناد والحسد يصدّانهم عن ذلك. وقيل : المراد بالّذين آتاهم الله الكتاب : من أسلموا من أحبار اليهود. مثل عبد الله بن سلام. ومخيريق ، فيكون الموصول في قوله : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) للعهد. وعن عطاء : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ). هم رؤساء أصحاب محمّد صلىاللهعليهوسلم : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ. فيكون الكتاب هو القرآن.
وضمير (أَنَّهُ) عائد إلى الكتاب الّذي في قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ) وهو القرآن.
والباء في قوله (بِالْحَقِ) للملابسة ، أي ملابسا للحقّ. وهي ملابسة الدّالّ للمدلول ، لأنّ معانيه ، وأخباره ، ووعده ، ووعيده ، وكلّ ما اشتمل عليه ، حقّ.
وقرأ الجمهور (مُنَزَّلٌ) ـ بتخفيف الزاي ـ وقرأ ابن عامر وحفص ـ بالتّشديد ـ والمعنى متقارب أو متّحد ، كما تقدّم في قوله تعالى : (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) في أوّل سورة آل عمران [٣].
والخطاب في قوله : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) [البقرة : ١٤٧] يحتمل أن يكون خطابا للنبي صلىاللهعليهوسلم فيكون التّفريع على قوله : (يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ) أي فلا تكن من الممترين في أنّهم يعلمون ذلك ، والمقصود تأكيد الخبر كقول القائل بعد الخبر : هذا ما لا شكّ فيه ، فالامتراء المنفي هو الامتراء في أنّ أهل الكتاب يعلمون ذلك ، لأنّ غريبا اجتماع علمهم وكفرهم به ، ويجوز أن يكون خطابا لغير معيّن ، ليعمّ كلّ من يحتاج إلى