فهذه الرسالة السامية كانت نبأ عظيما تحمل كافة الأنباء العظيمة : (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (٣٥ : ١٤) .. إنه نبأ ونبيء ونبيّ أمر بالإنباء : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) (١٥ : ٤٩) ، فإنذار النبي وإنبائه نبأ التوحيد ، هما من الأنباء العظيمة ، وقد بدأ بنبإ التوحيد : (قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ. رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ. قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ. أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ. ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ. إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ)(٣٨ : ٦٥ ـ ٧٠ (.
أجل ، وإن نبأ التوحيد هو الركيزة الأولى من أنباء هذه النبوة السامية.
ثم القرآن نبأ عظيم لأنه المعجزة الخالدة لهذه الرسالة السامية ، وأنه يحمل كافة أنباء الغيب (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (١١ : ٤٩) (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ)(١١ : ١٢٠) (١).
ونبإ المعاد نبأ عظيم بعد التوحيد ، وهما الهامتان في نبأي الرسالة والقرآن : (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ. أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ. بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ) (٣٤ : ٧ ـ ٨) (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) (١٠ : ٥٣).
هذه هي الدعائم الأربع من الأنباء العظيمة ، تشملها : (النَّبَإِ الْعَظِيمِ) جنس النبأ العظيم لمكان «ال» * لا شخصه لكي يفسر بخصوص المعاد ام ماذا ترى إن
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٣٠٥ ، أخرج ابن مردوية عن ابن عباس أنه القرآن.