إحقاقه ، وبعد ما قامت البراهين من كل الصنوف وضح الشمس في رابعة النهار ، قامت لإثبات وإحقاق أنباء الغيب العظيمة.
والتساؤل هنا يشمل ما هو بينهم ، بعضهم مع بعض ، تفكها ، وما هو منهم عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والمؤمنين تعنتا وهزءا ، وما هو بينهم وقلوبهم المقلوبة التي زالت عنها نور المعرفة : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٨٣ : ١٤) فالتساؤلات هذه كلها حابطة ساقطة ما لم ترد بها استنباط الحق واستعلامه (عَمَّ يَتَساءَلُونَ)؟
(عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ. الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ)
فما هو النبأ؟ وما هو عظمه؟ وما هو الاختلاف فيه؟
النبأ خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غالب ظن ، والخبر الحق الذي يتعرى عن الكذب ، والنبيء هو الموحى إليه بأخبار الحق والصدق ، حاملة كافة البراهين المصدقة لهما
ثم إذا كان النبأ عظيما كانت الفائدة والعلم فيه أعظم ، دون أن يتطرق إليه أية شائبة وريبة اللهم إلا جهلا وعنادا ممن لا يهوى إلا هواه ، ولا يهدف هداه.
وأول الأنباء العظيمة ـ منذ بزوغ الإسلام ـ هو نبأ الرسالة الاسلامية التي حملها الرسول الأقدس محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فنبأ الرسالة المحمدية هو أعظم الأنباء الرسالية في تاريخ الرسالات ، ولأنها تشملها كلها وفيها مزيد هو رمز الخلود.
ف «لما بعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جعلوا يتساءلون بينهم فنزلت (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)(١) (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) (٥٠ : ٢).
__________________
(١) الدر المنثور ج ٦ ص ٣٠٥ ، أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن الحسن قال : ..