(ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) :
بمشيئته خلقه وقدّره ثم السبيل يسره ثم أماته وأقبره ، ثم بمشيئته ينشره مرة أخرى ، قفزة إلى الحياة الأخيرة الخالدة ، و (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى ، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى. ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى).
«أنشره» : بجسمه وروحه وحيث يجمع أجزاءه الأصلية المتوفاة المكفولة عنده وعند ملك الموت وملائكته : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ. ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (٣٢ : ١١) توفّيا في الأجساد والأرواح ، فلا تضل عن رب العالمين وعن ملائكة الموت مهما ضلت عنّا (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ... قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ ..).
(ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (٧٥ : ٣٦) كلا : إنه سوف ينشر للحساب بمشيئة من إليه الحساب.
أنشره للحساب بعد طيّه في التراب ، والإنشار هو الإحياء للتصرف : تصرف رب العالمين في الحساب ، وتصرف المربوبين فيما قدموه لأنفسهم ، فليس هو الإحياء دون قيد وكما يدلنا قرنه بالحياة : (وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً) (٣٠ : ٢٥). وإذا (جَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) فبما أنه حياة التصرف ، وإن كان ليس كاملا كحياة النشور يوم النشور ، وكما لا ترى الآيات في خلق الإنسان تعبر عنه بالنشور.
ثم ـ وبعد هذه النعم ، وبعد هذه الحجج ، هل يا ترى الإنسان قاضيا ما أمره ربه ، أمره لصالحه في مختلف مراحل الحياة ، لا لصالحه سبحانه.
(كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) :
الإنسان ككلّ ، الإنسان كعامة النوع ، إن كيانه هو كونه. «كلا» * :