نرى هنا وهناك كيف نؤمر بالنظر إلى الكون ، نظر البصر والبصيرة ، النظرة العلمية والاعتبارية ، كل نظر ممكن لنا فيما وهبه الله إيانا ، ولكننا مع الأسف ، تركنا النظرات العلمية في الكائنات لغيرنا ، ثم ولم نعتبر بالعبر ، عبر هذه الكائنات ، ومن الناحية الروحية لأنفسنا.
.. إن النباتات التي أنبتها الله من حبوبها ، لا تحصى عددا وأنواعا ، مهما يعددها علم النبات اليوم إلى نصف مليون صنفا ، إضافة إلى الأصناف المنقرضة المحفوظ بعضها في المتاحف دون أن يسميها الإنسان باسم (١).
ثم منها ما هو للتغذية ، وما هو للبس ، أو للدواء ، أو فاكهة ، أو ما هو للبهائم.
وإذا ما فتحنا القلع المغلقة علينا في مختلف الحبوب ؛ لوجدنا عالما من مختلف العناصر ، ليس اختلاف الأصناف فيها إلا لاختلاف المقادير ، فالكل متشابهة العناصر.
لنأخذ مثالا حبة القمح التي لا يهمنا إلا أكلها ، فإذ نحلل ألف غرام منها نجد الماء فيها ١٣٤ غراما والنشاء ٦٦٣ غ وملح النوشادر ٦٠ غ والخشب ٣٠ غ والزيت ١٥ غ والمانيزيا ٢ و ٢ غ والبوتاسا الكاوية ٦ و ٦ غ والسفور المائي ٢٧ و ٩ غ وكبريت العمود المائي ١٥ غ وإلى عناصر أخرى كالصوديوم .. ثم ونجد أكثر هذه المواد باختلاف المقادير في القطن ، فأصبح من الملابس بعد أن كانت في القمح مطاعم ، وهكذا في الفواكه : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ).
إن النظر التام إلى الطعام لا يتم إلا بدراسة علم الكيمياء وعلم النبات وهما أيضا لا يتمان إلا بدراسة علوم عدة ، وهذه هي النظرة الأدنى إلى الطعام ،
__________________
(١) من مقالات «اللوود أفبرأ» في كتابه «محاسن الطبيعة».