(بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) (٤٧ : ١٣) (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً) (٧٦ : ٤).
فإعداد السعير شيء وتسعير الجحيم شيء آخر ، إذا فالجحيم موجودة الآن دون نار مسعرة ، أو أن فيها نار غير مسعرة.
وإزلاف الجنة تقريبها لأهلها إذ قدموا وقربوا لها ما يؤهلهم لاحرازها ، قربا بقرب : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) (٥٠ : ٣١) أزلفت للمتقين ـ إليهم ـ وعلها إلى الجحيم أيضا ليتراءى أهلوهما فتزداد رحمة اهل الجنة وعذاب اهل الجحيم بهذه المواجهة
وإزلاف الجنة للمتقين يوحي لمكرمتين : ١ ـ أنها كانت جنة قبل القيامة لأنها من فضل الله دون أن تختص بقدر الطاعات ، وإن كانت تزيد نضارة وطراوة بدخول أصحابها ، ٢ ـ أنها على عظمتها تقرب إلى أهلها دون أن يتكلف أهلوها لطي مسافة إليها.
ذلك ولأن النار إنما هي على قدر الأعمال عدلا من الله فلا تتأجج قبل أوانها ، والجنة هي على قدر فضل الله فليس له حدّ يعرف ، وإن كانت الصالحات هي التي تؤهل لإزلافها ودخولها.
وحيث تسعّر الجحيم بوارديها وتزلف الجنة لروّادها الموعودين بها أو الموعوظين لها ، عندئذ لا يبقى لدى النفوس أية ريبة في حقيقة ما أحضروها ، إذ هم يرون أنفسهم في آثار الأعمال وحقائق الأعمال بعد ما يرون صور الأعمال.
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) :
بعد هذه الحوادث العظام ، وبعد ما كانت النفوس جاهلة بما عملت ، علمت كلّ نفس ما أحضرته من خير أو شرّ ، علما بما يرى ويسمع من أفعاله وأقواله :