هكذا حافظين ، وإنما يبعث كراما كاتبين عالمين لا تخفى عليهم خافية ولا يعزب عنهم عازب.
إن الأوصاف المسرودة للحافظين هنا تثير في قلوب الناس إحساس الخجل والتجمل بحضرتهم ، إنهم كرام يعلمون كلّ شيء من ظاهر الإنسان وخافيه ، وإنهم كاتبون فلا ينسون ، إذا فالأعمال تبقى ليوم الحساب لتشهد بواقعها في موقف الحساب.
وكما عن الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم : «.. فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم ..» (١).
وعلى حدّ قول حفيده الإمام الصادق عليه السّلام في شأن الملائكة الموكلين : «استعبدهم على خلقه ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد على طاعة الله مواظبة وعن معصيته أشد انقباضا ، وكم من عبد يهم بمعصيته فذكر مكانها فارعوى وكف فيقول : ربي يراني وحفظتي علي بذلك تشهد ، وإن الله برأفته ولطفه وكلهم بعباده يذبون عنه مردة الشياطين وهو ام الأرض وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله إلى أن يجيء أمر الله»(٢).
(كِراماً كاتِبِينَ) : والكتابة هي الثبت ، واللائق برسل الله الحافظين ، واللائق بحضرة الربوبية ، واللائق لإثبات الحجة يوم الحساب ، ان يكون ثبت الأعمال كأثبت ما يمكن وأبقاه ، وهو ثبوت الأعمال بأقوالها وأفعالها ، بأصواتها وصورها ، تسجيلها في مسجلات خواطرهم المقدسة ، ومسجلات أعضاء العاملين ،
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٣٢٣ ، أخرجه البزاز عن ابن عباس.
(٢) نور الثقلين ٥ : ٥٢٢ في الاحتجاج للطبرسي يسأل السائل أبا عبد الله الصادق (ع): ما علة الملكين الموكلين بعباده يكتبون ما عليهم ولهم والله عالم السر وما هو أخفى؟ قال : ..