خبر لا دعاء ، يخبر عن واقعهم أنه ويل ما عاشوا تلكم التخلفات ، ويل في الأولى والآخرة.
والتطفيف ـ رغم ما يقال ـ لا يختص بالمال ولا بالشيء القليل الطفيف ، فهل إن واقعة الطف ـ تلك الحادثة الدامية الكبرى! ـ هل إنها كانت خفيفا طفيفا؟.
كلا : إنه الانتقاص بحق الآخرين وبخسهم في أشيائهم : أنفسهم ونفائسهم (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٧ : ٨٥) .. أشياءهم كل أشيائهم : الأشياء النفسية : العقلية والإيمانية والعلمية والعرضية وأشباهها ، والأشياء المالية وكل ما يتعلق بالناس أيا كان.
وبعد كل ذلك فالآيات التالية تفسر التطفيف دون حاجة إلى مفسر سوى القرآن : (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ).
(الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) :
فالاكتيال يوحي بالاحتيال في الشراء ، ثم «على» * هنا بدل «من» * توحي إلى الإضرار والبخس والتطفيف في هذا الاكتيال الاحتيال ، احتيال في الإضرار ، فلم يقل «إذا كالوا من الناس» وهو يعني أخذ الحق وافيا دون نقصان ، على أن أخذ الحق في الاشتراء لا يخلف ويلا ، اللهم إلا إذا جمع مع بخس الحق في البيع ، وليس هذا تطفيفا في كلتا الحالتين ، وإنما في البيع فحسب ، والظاهر هنا أن كلا البيع والاشتراء تطفيف.
إنهم يستوفون في اكتيالهم بشتى ضروب الاحتيال والزور والغرور ، كأن لهم سلطانا على البائعين يجعلهم يستوفون كما يهوون فوق حقهم بسلطان الرئاسة