شعواء ضد هذا الثالوث يؤمر الحاج أن يرمي الجمرات الثلاث إشارة إلى وجوب ضرب الثالوث ابتداء من الشيطان الأكبر ، جمرة العقبة. ثم مردته ، ولكيلا يكبروا فيصبحوا كمولاهم.
والقرآن يرفع سوط الويل من هذا الثالوث المنحوس ويحرض الشعوب المحطمة لينهضوا نهضة مدمرة لإيقاف هذه النحسة عند حدها ، وليعيش الناس على رغد الأمن والعيش ، في حياة سليمة مسلمة غير مستسلمة للظلم والضيم.
فكما الويل للمطفّفين ، كذلك هو للمطفّفين الذين يحنون ظهورهم لمن يستحمرهم ويستثمرهم ويستعمرهم ويمتص دماءهم ، اللهم إلا الضعفاء الذين لا يعرفون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، فعلى المؤمنين ذوي الحنكة والقوة الحفاظ عليهم والدفاع عنهم.
فآية التطفيف لا تختص بالطفيف منه مهما كان مورد نزولها تطفيف الكيل في المبايعات ، فقد «نزلت على نبي الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حين قدم المدينة وهم يومئذ أسوء الناس كيلا فأحسنوا الكيل (١) وحذّرهم الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم عن تطفيف الكيل (٢) ولكنما الآية تذكر الكيل في الاشتراء كمثال ، كما توحي إليه إضافة
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٣٢٤ عن ابن عباس ورواه علي بن ابراهيم القمي في تفسيره عن أبي الجارود.
(٢) الدر المنثور ٦ : ٣٢٤ عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص): ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين.
وفي تفسير الرازي (ج ٣١ : ٨٨ ـ ٨٩) «وقيل : كان أهل المدينة تجارا يطففون وكانت بياعاتهم المنابذة والملامسة والمخاطرة فنزلت هذه الآية ، فخرج رسول الله (ص) فقرأها عليهم وقال : خمس بخمس ، قيل : يا رسول الله (ص) ما خمس بخمس؟ قال : ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر وما ظهر فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ولا طففوا الكمل؟؟؟ إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم المطر».