مما عملوا بفضل الله ، جزاء فضلا فوق الوفاق ، طالما كان جزاء المجرمين الجزاء الوفاق.
وكما الجحيم هي نار شديدة التأجج للفجار ، فليكن النعيم رحمة كثيرة التبهج للأبرار.
(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) :
والأرائك جمع أريكة ، وهي سرير السلطان ، فارسية قديمة وكما في «أوستا زرادشت» نرى «أرائك» * بمعنى سرر السلاطين.
فالأبرار الذين كانوا ـ على الأكثر ـ فقراء منكوبين محجورين مهجورين يوم الدنيا ، لم تكن أصحاب الأرائك تعتني بشؤونهم ولا تعتبر لهم وجودا ، هؤلاء سوف يجلسون في الجنة على الأرائك ينظرون : ينظرون إلى رحمات الله وما وعدهم ربهم ، وينظرون إلى خدامهم والحواجب فيها ، وينظرون كذلك إلى أصحاب النار محتقرين إياهم.
إنهم ينظرون حيث يشاءون دون غضّ ولا غضاضة من مهانة أو مشقة ، وظاهرهم يوحي عن باطنهم.
(تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) :
الظاهر هو عنوان الباطن ، فكل نظرة إليهم تكشف عن نضرة النعيم دون أن يظهر منهم شيء بلفظة قول أو إشارة ، فهم نعيم بكيانهم ككل ، لا بؤس فيهم ولا عبس.
* * *