يُوعُونَ (٢٣) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٢٥)
سورة تحمل عرضا عن البعض من مشاهد الانقلاب الكوني عند الساعة وكما سبقت بصور أخرى في سور : «النبأ ـ الانفطار ـ التكوير ..» ولكنما طابع الانقلاب هنا يظهر في مطلع الاستسلام والذلّ لإرادة الرب ، طالما كان فيما قبلها في جوّ عاصف قاصف ، ولكي يتنبّه الإنسان النسيان عن غفوته وبطشه.
(إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) :
بما أن الشقّ هو الخرم الواقع في الشيء ، فانشقاق السماء هو اخترامها وافتراقها عن التئامها ، وانشقاق السماء ـ وليست كواكبها ـ يدلنا على أنها جرم متراكم وليست جوا خاليا فيها كواكبها ، إنها جرم وإن كانت تختلف خفة وثقلا ، ومن أثقل أثقالها كواكبها التي خلقت من تجمّع أجزائها وأجرامها ، والمملكة السماوية دوما في التوسع : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (٥١ : ٤٧).
فانقلاب السماء يومه هو انشقاقها ، كما انقلاب نجومها وكواكبها هو انطماسها وانكدارها وانتثارها دون انشقاقها ، حيث القرآن يختص السماء بالانكشاط والإنشقاق ، ويختص كواكبها بالانطماس والانكدار والانتثار.
وعلى أية حال فلا مجال للانشقاق إلا في جرم متصل ملتئم ، وعلى أثر انشقاقها تنقلب عن صلابتها وتوهى : (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ) (٦٩ : ١٦) وهيا لحدّ الدّهان : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) (٥٥ : ٣٧) وكلّ شيء استرخى رباطه فقد وهي ، ومن رباط السماء الجاذبية العامة ، فالسماء