وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) (١٧ : ١٢) ليل الموت كما هو للنوم «فالنوم أخ الموت» ونهار النشور كما هو للحياة التمام ، فهما آيتان دائبتان للحياة بعد الموت كما اليقظة بعد النوم.
(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) :
.. سبع شداد هي السماوات والأجواء السبعة ، وأقربها إلينا هي السماء الدنيا ، سماء الكواكب.
لقد بنيت هذه السبع الشداد من الدخان الصاعد من الماء المضطرم : المادة الاولية لخلق الكون أجمع ، إذ فجّرها ربها وأضرمها فصعد منها دخان هي مادة السماء والسماوات السبع ، وأزبدت زبدا هي مادة الأرض والأرضين السبع (١).
فمم بني السبع؟ وما هو السبع؟ وما هو الشداد؟
إنها بنيت من الدخان الصاعد من اضطرام المادة الأولية لخلق الكون : «الماء» (٢) :
(.. ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا
__________________
(١) البحث الفصل حول خلق السماوات السبع والأرضين السبع محول إلى مجالها الأنسب فالأنسب كالآيات من «فصلت» * و «النازعات» وأمثالها ، وهنا نشير شيئا ما الى بناء السماوات وشدادها من دخانها.
(٢) لا نعني الماء المعروف عندنا فإنه أيضا مخلوق من مادة أولية ، إنما هو تعبير عن كيان تلك المادة وأنها مسانخة الأجزاء وكأبسط تركيب من كائنات العالم ، والبحث الفصل تجده في سورة هود عند قوله تعالى : .. وكان عرشه على الماء ، وشاهدا على ذلك ـ إضافة إلى الواقع الملموس ـ روآيات عدة عن مصادر الوحي :
منها ما رواه الكليني عن محمد بن مسلم قال : قال لي أبو جعفر (ع) كان كل شيء ماء وكان عرشه على الماء فأمر الله تعالى الماء فاضطرم نارا ثم أمر النار فخمدت فارتفع من خمودها دخان فخلق السماوات من ذلك الدخان وخلق الأرض من الرماد» .. وفي آخر عنه (ع): «فجعل نسب كل شيء إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا يضاف إلى شيء» ، ومعلوم أن ماءنا المشروب ، له نسب هما ذرتا الهيدروجين والأوكسجين ، وهما أبواه.