فهي كلها بروج على أية حال ، على اختلاف ارتفاعاتها ومهيئاتها وسكانها ـ وتبرجاتها.
هذه ـ لا كافة الكواكب ، إذ لا وجه لتسميتها بالبروج ولا مجازيا ، حيث الكواكب لا تشبه القصور إلا في علوّها ، وليس كلّ عال قصرا ، وإلا فلتكن الفواكه فوق الأشجار ، والسروج فوق المنار ، لتكن بروجا! فليست البروج هي الأشياء الموضوعة على المرتفعات ، وإنما القصور الرفيعة المتبرجة أيا كانت ، والتعبير الصالح عن الكواكب هو المصابيح : (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) : قناديل منيرة علقت على متن السماء ، أو مسامير من فضة وتّدت فيها ، وإن كانت النجوم ـ وهي أخص من الكواكب ـ علّها هي الكواكب التي طلع فيها التمدن ومنه قصورها.
ثم وليست البروج هنا هي البروج الاثني عشر النجومية التي قررها الفلكيون (١) ، حيث القرآن لم ينزل وفق اصطلاحات علماء الفلك ، ولا غيرهم من المصطلحين ، وإنما نزل للناس أجمعين ، بلغة العرب الفصحى ، التي يعرفها كل عربي فصيح ، وليس في أخبارنا كذلك ، ما يؤيد تلكم البروج (٢).
__________________
(١) البروج حسب اصطلاح المنجمين هي منازل الشمس والقمر ، يسير القمر في كل برج منها يومين وثلاثا ، فذلك ثمانية وعشرون منزلا ، ثم يستتر ليلتين ، ومسير الشمس في كل برج منها شهر ، والبروج الاثني عشر هي الصور النجومية التي اعتبرها المنجمون وهي : الحمل ، الثور ، الجوزاء ، السرطان ، الأسد ، السنبلة ، الميزان ، العقرب ، القوس ، الجدي ، الدلو ، الحوت ، وفلك البروج دائرة ترسمها الشمس في سيرها في السماء في سنة واحدة ، وتقسم الدائرة إلى اثني عشر كل واحد منها ٣٠ درجة.
(٢) وفي نور الثقلين ٥ : ٥٤١ عن روضة الكافي باسناده عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (ع) إن للشمس ثلاثمائة وستين برجا ، كل برج منها مثل جزيرة من جزائر العرب ، وتنزل كل يوم على برج منها ..
أقول : عل هذه البروج هي قصور في فلك الشمس ، هي في كواكب على مسير الشمس ، أو مستقلة كل بحاله في هذا المسير.