أو كوني كذلك : (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (١٢ : ٦٤) وهذه مقتضى ربوبيته : (وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (٣٤ : ١١) هو حفيظ : و (هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) (٦ : ٦١) : حفظة يحفظونهم في حياتهم ، صادرين من أمر الله : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (١٣ : ١١) : يحفظون نفوسهم بأبدانهم طوال الحياة وبعد الممات ، فلا تذهب سدى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) ويحفظون أعمالهم ويكتبون : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ).
إن كل نفس إلا عليها حافظ ، عليها دنيا وعقبى ، عليها روحا وجسما ، عليها أعمالا وأقوالا ، وعليها دينا ودنيا ، فإن نجوم الاهتداء تثقب القلوب المقلوبة المظلمة ببوارق الهداية : من عقله وفطرته : رسولان هما لزام الإنسان ، ومن آفاقه المحيطة به : رسالة الكون ، ومن رجالات الوحي : رسالة السماء ، فيا قبحا لمن لا يحسب لهذه الحفظة حسابا ، فينفلت من حزب الرحمان إلى حزب الشيطان ، وإلى حرب الرحمان!
وهذه النجوم تثقب الضالين بحيلهم فينهزمون : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) (١٧ : ٨٢).
فليست هنا لك ـ إذا ـ هيصة وفوضى ، دون حراسة إلهية ولا حفيظ ، إنما هو الحفاظ الدقيق المباشر وغير المباشر ، وسوف يظهر يوم تقوم الأشهاد.
ولكي يعلم الإنسان أنه محفوظ بعمله ليوم تقوم الأشهاد فلا ينكر البعث والمعاد ، فلينظر :