(يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) :
الصلب ما فيه النخاع الشوكي الذي فيه مجمع الأعصاب ، فلو انكسر الصلب أو اصطدم لم يقدر الإنسان على الجماع والتوليد ، فمنشأ النطفة الرجولية إنما هو الصلب ، وإن كان المني ينحدر منه دوما إلى البيضتين : الخزانتين الاحتياطيتين ، والماء الدافق يدفق من الصلب والترائب ، ومن خزينتي الاحتياط ، وعلها كمساعدة لنشوء الجنين.
والترائب جمع تريبة وهي موضع القلادة من صدر المرأة ، فهي ضلوع صدرها ، أو مقاديم بدنها من الثديين إلى الوركين : استيحاء من جمع التريبة ، فالترائب ـ إذا ـ هي مقاديمها كلها ابتداء من موضع القلادة ، وسوف نوافيكم في بحث فصل عن النطفة وتطوراتها في سورة العلق.
(إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ. فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) :
إن الذي قدر على بدئه ، لقادر أيضا على رجعه : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) (٣٠ : ٢٧) إنه على رجعه : إرجاعه إلى ما كان ـ كيفما كان ـ لقادر.
رجع أوّل : أن يرجعه الله إلى ما كان من ماء دافق : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (٢١ : ١٠٤) (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٧ : ٢٩) : ودون رجع إلى الصلب والترائب.
ورجع ثان إلى ما كان من الخلق الكامل : يخلق من هذا الماء كما خلق أول مرة ، دون الزوائد غير الثابتة ، وإنما البدن الذي عاشه طواه حياة التكليف ، وكما «سئل الإمام الصادق عليه السلام عن الميت يبلى جسده؟ قال : نعم ، حتى