الأم «الماء» * حيث أزبدت زبدا فكانت أرضا ، وصعّدت دخانا فكان سماء ثم سماوات : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) (٢٣ : ١٨) .. ولو أن مياه الأرض أو بعضها كانت منها نفسها ، لم يكن للتهديد بذهاب مياه السماء منها معنى!
أجل إن حياة الأرض (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) (٢ : ١٦٤) وحياة الأحياء فيها كلها ، إنها من ماء السماء : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (٢١ : ٣٠) .. وقد جعلت الأرض ذلولا بعد شماسها بأوتادها وبماء السماء : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (٦٧ : ١٥).
وبطبيعة الحال ما كان بالإمكان نزول الماء من السماء على هذه الكرة المحترقة إلا بالإعصار والصب ، إعصار ينتج الصبّ والماء الغزير الثجّاج.
وهناك للماء الثجاج مراحل عدة ، أولاها وأقواها الصب الأول الذي أنتجته معصرات عدة :
من الرياح التي أعصرت أنفسها حتى وصلت إلى الأجواء الأرضية ، وأعصرت السحاب فأوصلتها إلى أجوائها.
ومن السحاب التي أعصرت بعضها البعض وتضاغطت حتى استقرت هناك.
ومن التفريغات الكهربائية هنا وهناك التي ساعدت هذه الإعصارات وأعصرت (١).
فلقد تناصرت معصرات رياحية وسحابية وتفريغات كهربائية ـ ومن
__________________
(١) «من» * في معصرات الرياح والتفريغات الكهربائية ـ تكون سببية ، وفي السحاب نشوية أو تبعيضية ولا بأس بقصد معاني عدة من كلمة واحدة في القرآن فيما إذا تتحملها اللفظة لغويا ومن حيث المقام.