الخير ، ومن الخير أن تحاول في فك رقاب الآخرين أيضا ، فتعيش الفكّ لنفسك ومن سواك ، ولتخلق جوّا حرّا عن أسر الشيطان.
أجل : وإن فك رقبة عما سوى الله وعمن سواه ، هو العقبة ، أو أنه اقتحامها ، فكّ بالاقتحام ، أو فك هو الاقتحام.
فك رقبة ، لا عتقها ، فعتقها عمل فردي لا يطيقه إلا الأقلون ، والفك أعم من الفردي والجماعي ، فالذي يقتحم العقبة بغية هذا الفك ، إذ رآه كافيا لنفسه وسواه فهو ، وإلا كان عليه لزام أن يضم إليه الآخرين ، وإلى طاقاته طاقات الآخرين ، لتحقيق الفك أخيرا ، وفك الرقاب هكذا ، ومن أيسرها عتق الرقيق ، ينتج عن فكها عن النار في دار القرار (١) .. عقبة لو تخطاها لوصل ، ولو تخلفها فشل ، فالإنسان أمام العقبة ، بين مقتحم واصل ، ونائم فاشل ، وأين واصل من فاشل؟ وأين مجاهد مكابد من متساهل قاعد ، ألا فخففوا عن عقبة الآخرة باقتحام عقبة الدنيا ، وعلى حد تعبير الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : «إن أمامكم عقبة كئودا لا يجوزها المثقلون ، فأنا أريد أن أتخفف لتلك العقبة» (٢) وليست العقبات هنا إلا في طريق السالكين ، وعليها يكون بهر الأنفاس ، وشدة الضغاط والمراس ، ثم العقبات في العقبى هي للواقفين عن الحراك ، والسالكين سبل الهلاك ، الذين لم يقتحموا العقبة هناك.
__________________
(١) نور الثقلين عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (ع) قال : قلت له جعلت فداك قوله : «فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ» قال : من أكرمه الله بولايتنا فقد جاز العقبة ، ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا ، قال : فسكت (ع) فقال لي : فهلا أفيدك حرفا خيرا لك من الدنيا وما فيها؟ قلت : بلى جعلت فداك ، قال : قوله (فَكُّ رَقَبَةٍ) ثم قال : الناس كلهم عبيد النار غيرك وأصحابك ، فإن الله فك رقابهم من النار بولايتنا أهل البيت.
(٢). الدر المنثور ٦ : ٣٥٥ عن أبي الدرداء سمعت رسول الله (ص) يقول : ..