نسبة روحية قدسية كما وأن سورة الإخلاص نسبة رب العالمين.
في هذه السورة ندرس : ما هو النازل في ليلة القدر؟ وما هي ليلة القدر؟ ومتى هي؟ وما هي خيرتها من ألف شهر؟ ومن هو الروح المتنزل مع الملائكة فيها؟ وعلى من تتنزل؟ وبماذا تتنزل؟ وما هو السلام فيها حتى مطلع الفجر؟.
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ) :
هل هو نزول روح النبوة ـ القدسية ـ على الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ أم وحي القرآن النازل عليه بتمامه طوال الدعوة؟ أم بعض القرآن وعلّه هذه السورة نفسها؟ أم القرآن كله بصورة محكمة غير مفصلة ، متحللا عن هذه التعابير اللفظية والأمثال ، والتكررات والإخبارات عن المستقبل؟
لا نحتمل أنه بعض القرآن المفصّل ، ولا بعض المحكم ، لمكان «ه» * لا «بعضه» * : وعلى كونه بعضه لا نحتمل أنه نفس السورة ، لمكان «ه» * لا «ها» * ولأنه إخبار عما سبق : «أنزلناه» * لا عن الحال : «ننزله» ف (أَنْزَلْناهُ) يحيل أن يكون النازل هو سورة القدر نفسها ، لذكورة الضمير ومضيّ الفعل.
إضافة إلى أن نزول البعض من القرآن ـ أيا كان ـ في ليلة القدر ، أنه من توضيح الواضحات ، إذ إن أبعاض القرآن منتشرة نزولا على أبعاض زمن الرسالة ، ومن أحراها ليلة القدر ، وإن نزول البعض منه فيها لا تكسبها فضيلة خاصة ، إذ الأبعاض كلها قرآن ، وكلها تكسب زمنها فضلا دون اختصاص ببعض دون بعض.
ولا نحتمل أيضا أنه القرآن المفصل ، النازل طوال الرسالة نجوما متفرقة ، فكثير من آياته لا تتحمل نزولها دفعة واحدة ، بداية البعثة ، كالمخبرة عما تحقق متأخرا عن ليلة القدر بصيغة الماضي : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) (٥٨ : ١) وأمثالها.