وهنا روايات مختلقة أن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم نسيها فأمر أن يطلبوها في العشر الأواخر ، وليضرب بها عرض الحائط لاختلافها عن واقع علم الرسول وعن الأحاديث المستفيضة المصرحة أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمة من عترته كانوا يعلمونها (١).
وقد نستوحيها متى هي؟ من علائمها على حد تعبير الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم (٢).
(سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) :
إنها لا تنفي السلام عن سائر الليالي ، لواقع السلام فيها بعضا ، وإنما تخصّ السلام التام بهذه الليلة المباركة ، كرامة تخصّها بين ليالي السنة ـ فما هي؟
إنها ـ على حد تعبير زين العابدين علي بن الحسين عليه السّلام : «سلام دائم البركة إلى طلوع الفجر على ما يشاء من عباده بما أحكم من قضائه» (٣) ، وعلى حد تعبير
__________________
(١) أخرج ابن أبي شيبة عن الفلتان بن عاصم قال : قال رسول الله (ص) إني رأيت ليلة القدر ثم نسيتها فاطلبوها في العشر الأواخر وترا.
وأفضح منها ما أخرجه ابن مردويه عن ابن مسعود قال سئل رسول الله (ص) عن ليلة القدر قال قد كنت علمتها ثم اختلست مني (الدر المنثور ج ٦).
وهذا الأخير يتنافى والآيات التي تدل على عصمته وأنه ليس للشيطان عليه سبيل ، فمن هذا الذي اختلس ليلة القدر عن النبي الأقدس ، أهو الله وحاشاه ، أم هو الشيطان (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فكيف بالرسول (ص).
وكما عن أبي جعفر الباقر (ع) قال : يا أبا هذيل! إنا لا يخفى علينا ليلة القدر ، إن الملائكة يطوفون بنا فيها.(نور الثقلين ج ٥ ص ٦٣٩ ح ١٠٥).
(٢) كما عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله (ص) عن ليلة القدر ، فقال : في رمضان في العشر الأواخر فانها في ليلة وتر : إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين أو آخر ليلة من رمضان ، من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن إماراتها أنها ليلة بلجة صافية ساكنة ساجية لا حارة ولا باردة كأن فيها قمرا ساطعا ولا يحل لنجم أن يرمى به تلك الليلة حتى الصباح ، ومن إماراتها أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها ، مستوية كأنها القمر ليلة البدر ، وحرم الله على الشيطان أن يخرج معها يومئذ(الدر المنثور ٦ : ٣٧٢).
(٣) نور الثقلين ج ٥ ص ٦٤١ ح ١١٤ عن الصحيفة السجادية في دعائه (ع) إذا دخل شهر رمضان.