(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) (٥٠ : ٦) ثم تصبح وكلها فروج : (وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) (٧٧ : ٩).
(وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) :
وعلى حد تفسير أمير المؤمنين علي عليه السّلام : «وتذل الشم الشوامخ والصم الرواسخ فيصير صلدها سرابا رقراقا ومعهدها قاعا سملقا».
سيّرت عن قواعدها لحد تصبح القواعد سرابا لا ماء فيها ولا كلاء ، وترى من صقلها أنها ماء يلمع : (حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ)(٢٤ : ٣٩).
إن منشار الزلزال تنشرها عن قواعدها بسرعة لامعة محيرة لحد السراب.
والترتيب المفهوم من القرآن حول قيامة الجبال : أنها على أثر الرجفة المدمرة الأرضية تصبح كأتلال الحصى من شدة سيرها ووقعها : (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) (٧٣ : ١٤) ثم على أثر اصطدامات متواصلة في مسيرها تتبدل كالخمير ، ثم كالغبار المنبثّ : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) (٥٥ : ٥) وكالعهن المنفوش : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (١٠١ : ٤) ثم تنسف فلا يبقى إلا سراب وقاع صفصف : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً. لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (٢٠ : ١٠٦ ـ ١٠٧)؟ أرضا أملس مستوية دون انخفاض ولا ارتفاع.
فهذه الجبال الراسيات الأوتاد الشامخات تصبح هباء كالسراب ثم ماذا تكون حال الإنسان الضعيف الضعيف ـ سبحان الغفور الرحيم!
* * *